بلاد هذه الطوائف، وهي بلاد الشام، قريبة من بلاد العرب، وقد بقيت آثارهم مشاهدة، وقوله: * (ألم يأتهم) * وإن كان في صفة الاستفهام إلا أن المراد هو التقرير، أي أتاهم نبأ هؤلاء الأقوام.
ثم قال: * (أتتهم رسلهم) * وهو راجع إلى كل هؤلاء الطوائف.
ثم قال: * (بالبينات) * أي بالمعجزات ولا بد من إضمار في الكلام، والتقدير: فكذبوا فعجل الله هلاكهم.
ثم قال: * (فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * والمعنى: أن العذاب الذي أوصله الله إليهم ما كان ظلما من الله لأنهم استحقوه بسبب أفعالهم القبيحة ومبالغتهم في تكذيب أنبيائهم، بل كانوا ظلموا أنفسهم، قالت المعتزلة: دلت هذه الآية على أنه تعالى لا يصح منه فعل الظلم وإلا لما حسن التمدح به، وذلك دل على أنه لا يظلم البتة، وذلك يدل على أنه تعالى لا يخلق الكفر في الكافر ثم يعذبه عليه، ودل على أن فاعل الظلم هو العبد، وهو قوله: * (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * وهذا الكلام قد مر ذكره في هذا الكتاب مرارا خارجة عن الإحصاء.
* (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أوليآء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) *.
اعلم أنه تعالى لما بالغ في وصف المنافقين بالأعمال الفاسدة والأفعال الخبيثة، ثم ذكر عقيبه أنواع الوعيد في حقهم في الدنيا والآخرة، ذكر بعده في هذه الآية كون المؤمنين موصوفين بصفات الخير وأعمال البر، على ضد صفات المنافقين، ثم ذكر بعده في هذه الآية أنواع ما أعد الله لهم من الثواب الدائم والنعيم المقيم، فأما صفات المؤمنين فهي قوله: * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) *.
فإن قيل: ما الفائدة في أنه تعالى قال في صفة المنافقين و * (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض