الحكم الخامس تسقط الجزية بالإسلام والموت عند أبي حنيفة رحمه الله، لقوله عليه الصلاة والسلام: " ليس على المسلم جزية " وعند الشافعي رحمه الله لا تسقط. الحكم السادس قال أصحابنا: هؤلاء إنما أقروا على دينهم الباطل بأخذ الجزية حرمة لآبائهم الذين انقرضوا على الحق من شريعة التوراة والإنجيل وأيضا مكناهم من أيديهم، فربما يتفكرون فيعرفون صدق محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، فأمهلوا لهذا المعنى. والله أعلم. وبقي ههنا سؤالان:
السؤال الأول: كان ابن الراوندي يطعن في القرآن ويقول: إنه ذكر في تعظيم كفر النصارى. قوله: * (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) * (مريم: 90 - 92) فبين أن إظهارهم لهذا القول بلغ إلى هذا الحد، ثم إنه لما أخذ منهم دينارا واحدا قررهم عليه وما منعهم منه.
والجواب: ليس المقصود من أخذ الجزية تقريره على الكفر، بل المقصود منها حقن دمه وإمهاله مدة، رجاء أنه ربما وقف في هذه المدة على محاسن الإسلام وقوة دلائله، فينتقل من الكفر إلى الإيمان.
السؤال الثاني: هل يكفي في حقن الدم دفع الجزية أم لا؟
والجواب: أنه لابد معه من إلحاق الذل والصغار للكفر والسبب فيه أن طبع العاقل ينفر عن تحمل الذل والصغار، فإذا أمهل الكافر مدة وهو يشاهد عز الإسلام ويسمع دلائل صحته، ويشاهد الذل والصغار في الكفر، فالظاهر أنه يحمله ذلك على الانتقال إلى الإسلام، فهذا هو المقصود من شرع الجزية.
* (وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله ذلك قولهم بأفوههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون) *.