قوله تعالى * (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم * كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والاخرة وأولئك هم الخاسرون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين من قبل في المنافقين والمنافقات أنه نسبهم، أي جازاهم على تركهم التمسك بطاعة الله أكد هذا الوعيد وضم المنافقين إلى الكفار فيه، فقال: * (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها) * ولا شك أن النار المخلدة من أعظم العقوبات.
ثم قال: * (هي حسبهم) * والمعنى: أن تلك العقوبة كافية لهم ولا شيء أبلغ منها، ولا يمكن الزيادة عليها.
ثم قال: * (ولعنهم الله) * أي ألحق بتلك العقوبة الشديدة الإهانة والذم واللعن.
ثم قال: * (ولهم عذاب مقيم) * ولقائل أن يقول: معنى كون العذاب مقيما وكونه خالدا واحد، فكان هذا تكرارا؟
والجواب: ليس ذلك تكريرا، وبيان الفرق من وجوه: الأول: أن لهم نوعا آخر من العذاب المقيم الدائم سوى العذاب بالنار والخلود المذكور أولا، ولا يدل على أن العذاب بالنار دائم. وقوله: * (ولهم عذاب مقيم) * يدل على أن لهم مع ذلك نوعا آخر من العذاب.
ولقائل أن يقول: هذا التأويل مشكل لأنه قال في النار المخلدة: * (هي حسبهم) * وكونها حسبا بمنع من ضم شيء آخر إليه.