أو يأمر بقتلهم ونهب أموالهم؟ الثالث: أنهم اعتقدوا أنهم كانوا محسنين في بناء ذلك المسجد، فلما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بتخريبه بقوا شاكين مرتابين في أنه لأي سبب أمر بتخريبه؟ الرابع: بقوا شاكين مرتابين في أن الله تعالى هل يغفر تلك المعصية؟ أعني سعيهم في بناء ذلك المسجد، والصحيح هو الوجه الأول.
ثم قال: * (إلا أن تقطع قلوبهم) * وفيه مباحث:
البحث الأول: قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم وحمزة * (أن تقطع) * بفتح التاء والطاء مشددة بمعنى تتقطع، فحذفت إحدى التاءين، والباقون بضم التاء وتشديد الطاء على ما لم يسم فاعله، وعن ابن كثير * (تقطع) * بفتح الطاء وتسكين القاف * (قلوبهم) * بالنصب أي تفعل أنت بقلوبهم هذا القطع، وقوله: * (تقطع قلوبهم) * أي تجعل قلوبهم قطعا، وتفرق أجزاء إما بالسيف وإما بالحزن والبكاء، فحينئذ تزول تلك الريبة. والمقصود أن هذه الريبة باقية في قلوبهم أبدا ويموتون على هذا النفاق. وقيل: معناه إلا أن يتوبوا توبة تنقطع بها قلوبهم ندما وأسفا على تفريطهم. وقيل حتى تنشق قلوبهم غما وحسرة، وقرأ الحسن * (إلى أن) * وفي قراءة عبد الله * (ولو قطعت قلوبهم) * وعن طلحة * (ولو قطعت قلوبهم) * على خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم أو كل مخاطب.
ثم قال: * (والله عليم حكيم) * والمعنى: عليم بأحوالهم، حكيم في الأحكام التي يحكم بها عليهم.
* (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) *.
اعلم أنه تعالى لما شرع في شرح فضائح المنافقين وقبائحهم لسبب تخلفهم عن غزوة تبوك، فلما