قلنا: الذين لا يجدون ما ينفقون، هم الفقراء الذين ليس معهم دون النفقة، وهؤلاء المذكورون في الآية الأخيرة هم الذين ملكوا قدر النفقة، إلا أنهم لم يجدوا المركوب، والمفسرون ذكروا في سبب نزول هذه الآية وجوها: الأول: قال مجاهد: هم ثلاثة إخوة: معقل، وسويد، والنعمان بنو مقرن، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يحملهم على الخفاف المدبوغة، والنعال المخصوفة، فقال عليه السلام: " لا أجد ما أحملكم عليه " فتولوا وهم يبكون، والثاني: قال الحسن: نزلت في أبي موسى الأشعري وأصحابه، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحملونه، ووافق ذلك منه غضبا، فقال عليه السلام: " والله ما أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه " فتولوا وهم يبكون فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم ذودا خير الذود، فقال أبو موسى: ألست حلفت يا رسول الله؟ فقال: " أما أني إن شاء الله لا أحلف بيمين فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يمين ".
والرواية الثالثة: قال ابن عباس رضي الله عنهما: سألوه أن يحملهم على الدواب فقال عليه السلام: " لا أجد ما أحملكم عليه " لأن الشقة بعيدة. والرجل يحتاج إلى بعيرين، بعير يركبه وبعير يحمل عليه ماءه وزاده. قال صاحب " الكشاف ": قوله: * (تفيض من الدمع حزنا) * كقولك: تفيض دمعا، وهو أبلغ من يفيض دمعها، لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض.
* (إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنيآء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون * يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: أنه تعالى لما قال في الآية الأولى: * (ما على المحسنين من سبيل) * قال في هذه