إني أتوب إلى الله ولا أتوب إلى محمد، فسمع الرسول عليه السلام ذلك وقال: " وضع الحق في أهله " الثالث: يجوز أن يكون المراد يرضوهما فاكتفى بذكر الواحد كقوله:
نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف والرابع: أن العالم بالأسرار والضمائر هو الله تعالى، وإخلاص القلب لا يعلمه إلا الله، فلهذا السبب خص تعالى نفسه بالذكر. الخامس: لما وجب أن يكون رضا الرسول مطابقا لرضا الله تعالى وامتنع حصول المخالفة بينهما وقع الاكتفاء بذكر أحدهما كما يقال: إحسان زيد وإجماله نعشني وجبرني. السادس: التقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك وقوله: * (إن كانوا مؤمنين) * فيه قولان: الأول: إن كانوا مؤمنين على ما ادعوا. والثاني: أنهم كانوا عالمين بصحة دين الرسول إلا أنهم أصروا على الكفر حسدا وعنادا، فلهذا المعنى قال تعالى: * (إن كانوا مؤمنين) * وفي الآية دلالة على رضا الله لا يحصل بإظهار الإيمان، ما لم يقترن به التصديق بالقلب، ويبطل قول الكرامية الذين يزعمون أن الإيمان ليس إلا القول باللسان.
* (ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزى العظيم) *.
اعلم أن المقصود من هذه الآية أيضا، شرح أحوال المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: قال أهل المعاني: قوله: * (ألم تعلم) * خطاب لمن حاول الإنسان تعليمه مدة وبالغ في ذلك التعليم ثم إنه لم يعلم فيقال له: ألم تعلم بعد هذه الساعات الطويلة والمدة المديدة، وإنما حسن ذلك لأنه طال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، وكثرت نهاياته للتحذير عن معصية الله والترغيب في طاعته، فالضمير في قوله: * (أنه من يحادد الله) * ضمير الأمر والشأن، والمعنى: أن الأمر والشأن كذا وكذا. والفائدة في هذا الضمير هو أنه لو ذكر بعد كلمة * (أن) * ذلك المبتدأ والخبر لم يكن له كثير وقع. فأما إذا قلت الأمر والشأن كذا وكذا أوجب مزيد تعظيم وتهويل لذلك الكلام. وقوله: * (من يحادد الله) * قال الليث: حاددته أي خالفته، والمحاددة كالمجانبة والمعاداة والمخالفة، واشتقاقه من الحد، ومعنى حاد فلان فلانا، أي صار في حد غيره حده كقوله: شاقه أي صار