قوله تعالى * (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون * ولو أنهم رضوا مآ ءاتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنآ إلى الله راغبون) *.
اعلم أن المقصود من هذا شرح نوع آخر من قبائحهم وفضائحهم، وهو طعنهم في الرسول بسبب أخذ الصدقات من الأغنياء ويقولون: إنه يؤثر بها من يشاء من أقاربه وأهل مودته وينسبونه إلى أنه لا يراعي العدل، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم مالا إذ جاءه المقداد بن ذي الخويصرة التميمي، وهو حرقوص بن زهير، أصل الخوارج فقال: اعدل يا رسول الله، فقال: " ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل " فنزلت هذه الآية. قال الكلبي: قال رجل من المنافقين يقال له أبو الجواظ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تزعم أن الله أمرك أن تضع الصدقات في الفقراء والمساكين ولم تضعها في رعاء الشاء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا أبالك أما كان موسى راعيا أما كان داود راعيا " فلما ذهب، قال عليه الصلاة والسلام: " احذروا هذا وأصحابه فإنهم منافقون " وروى أبو بكر الأصم رضي الله عنه في " تفسيره ": أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه: " ما علمك بفلان " فقال: مالي به علم إلا إنك ندنيه في المجلس وتجزل له العطاء، فقال عليه الصلاة والسلام: " إنه منافق أداري عن نفاقه وأخاف أن يفسد على غيره " فقال: لو أعطيت فلانا بعض ما تعطيه، فقال عليه الصلاة والسلام: " إنه مؤمن أكله إلى إيمانه، وأما هذا فمنافق أداريه خوف إفساده ".
المسألة الثانية: قوله: * (يلمزك) * قال الليث: اللمز كالهمز في الوجه. يقال: رجل لمزة يعيبك في وجهك، ورجل همزة يعيبك بالغيب. وقال الزجاج: يقال لمزت الرجل ألمزه بالكسر، وألمزه بضم الميم إذا عيبته، وكذلك همزته أهمزه همزا. إذا عيبته، والهمزة اللمزة: الذي يغتاب الناس ويعيبهم، وهذا يدل على أن الزجاج لم يفرق بين الهمز واللمز. قال الأزهري: وأصل الهمز