تفسير الرازي - الرازي - ج ١٦ - الصفحة ٢٢٤
وتركته، وأنا أرغب بفلان عن هذا أي أبخل به عليه ولا أتركه. والمعنى: ليس لهم أن يكرهوا لأنفسهم ما يرضاه الرسول عليه الصلاة والسلام لنفسه.
واعلم أن ظاهر هذه الألفاظ وجوب الجهاد على كل هؤلاء إلا أنا نقول: المرضى والضعفاء والعاجزون مخصوصون بدليل العقل وأيضا بقوله تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * (البقرة: 286) وأيضا بقوله: * (ليس على الأعمى حرج) * (النور: 61 الفتح: 17) الآية وأما أن الجهاد غير واجب على كل أحد بعينه، فقد دل الإجماع عليه فيكون مخصوصا من هذا العموم وبقي ما وراء هاتين الصورتين داخلا تحت هذا العموم.
واعلم أنه تعالى لما منع من التخلف بين أنه لا يصيبهم في ذلك السفر نوع من أنواع المشقة إلا وهو يوجب الثواب العظيم عند الله تعالى ثم إنه ذكر أمورا خمسة: أولها: قوله: * (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ) * وهو شدة العطش يقال ظمئ فلان إذا اشتد عطشه. وثانيها: قوله: * (ولا نصب) * ومعناه الإعياء والتعب. وثالثها: * (ولا مخمصة في سبيل الله) * يريد مجاعة شديدة يظهر بها ضمور البطن ومنه يقال: فلان خميص البطن. ورابعها: قوله: * (ولا يطؤن موطئا يغيط الكفار) * أي ولا يضع الإنسان قدمه ولا يضع فرسه حافره، ولا يضع بعيره خفه بحيث يصير ذلك سببا لغيظ الكفار قال ابن الأعرابي: يقال غاظه وغيظه وأغاظه بمعنى واحد، أي أغضبه. وخامسها: قوله: * (ولا ينالون من عدو نيلا) * أي أسرا وقتلا وهزيمة قليلا كان أو كثيرا * (إلا كتب لهم به عمل صالح) * أي إلا كان ذلك قربة لهم عند الله ونقول دلت هذه الآية على أن من قصد طاعة الله كان قيامه وقعوده ومشيته وحركته وسكونه كلها حسنات مكتوبة عند الله. وكذا القول في طرف المعصية فما أعظم بركة الطاعة وما أعظم شؤم المعصية، واختلفوا فقال قتادة: هذا الحكم من خواص رسول الله إذا غزا بنفسه فليس لأحد أن يتخلف عنه إلا بعذر. وقال ابن زيد:
هذا حين كان المسلمون قليلين فلما كثروا نسخها الله تعالى بقوله: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * (التوبة: 122) وقال عطية ما كان لهم أن يتخلفوا عن رسول الله إذا دعاهم وأمرهم وهذا هو الصحيح، لأنه تتعين الإجابة والطاعة لرسول الله إذا أمر وكذلك غيره من الولاة والأئمة إذا ندبوا وعينوا لأنا لو سوغنا للمندوب أن يتقاعد لم يختص بذلك بعض دون بعض ولأدى ذلك إلى تعطيل الجهاد.
ثم قال: * (ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة) * يريد تمرة فما فوقها وعلاقة سوط فما فوقها ولا يقطعون واديا، والوادي كل مفرج بين جبال وآكام يكون مسلكا للسيل، والجمع الأودية إلا كتب الله لهم ذلك الإنفاق وذلك المسير.
ثم قال: * (ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) * وفيه وجهان: الأول: أن الأحسن من
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) 2
2 قوله تعالى (ويذهب غيظ قلوبهم) الآية 4
3 قوله تعالى (أم حسبتم أن تتركوا) الآية 5
4 قوله تعالى (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) الآية 6
5 قوله تعالى (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر) 9
6 قوله تعالى (أجعلتم سقاية الحاج) الآية 11
7 قوله تعالى (الذين آمنوا وهاجروا) الآية 13
8 قوله تعالى (يبشرهم ربهم برحمة منه) الآية 15
9 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء) الآية 17
10 قوله تعالى (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم) 18
11 قوله تعالى (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) الآية 20
12 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) الآية 23
13 قوله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) الآية 27
14 قوله تعالى (وقالت اليهود عزير ابن الله) 32
15 قوله تعالى (يريدون أن يطفئوا نور الله) 38
16 قوله تعالى (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق) 39
17 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان) الآية 41
18 قوله تعالى (يوم يحمى عليها في نار جهنم) 48
19 قوله تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) الآية 49
20 قوله تعالى (إنما النسئ زيادة في الكفر) 55
21 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله) الآية 58
22 قوله تعالى (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما) 60
23 قوله تعالى (إلا تنصروه فقد نصره الله) 62
24 قوله تعالى (انفروا خفافا وثقالا) الآية 69
25 قوله تعالى (لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك) الآية 71
26 قوله تعالى (عفا الله عنك لم أذنت لهم) 73
27 قوله تعالى (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الاخر) الآية 75
28 قوله تعالى (إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر) 76
29 قوله تعالى (ولو أرادوا الخروج) الآية 78
30 قوله تعالى (ولو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا) الآية 80
31 قوله تعالى (لقد ابتغوا الفتنة من قبل) 82
32 قوله تعالى (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني) الآية 83
33 قوله تعالى (إن تصبك حسنة تسؤهم) 84
34 قوله تعالى (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) الآية 85
35 قوله تعالى (قل هل تربصون بنا) الآية 86
36 قوله تعالى (قل أنفقوا طوعا أو كرها) 87
37 قوله تعالى (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم) الآية 89
38 قوله تعالى (فلا تعجبك أموالهم) الآية 91
39 قوله تعالى (ويحلفون بالله إنهم لمنكم) الآية 95
40 قوله تعالى (ومنهم من يلمزك في الصدقات) 97
41 قوله تعالى (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله) 99
42 قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) الآية 100
43 قوله تعالى (ومنهم الذين يؤذون النبي) 115
44 قوله تعالى (يحلفون بالله لكم ليرضوكم) 118
45 قوله تعالى (ألم يعلموا أنه من يحادد الله) الآية 119
46 قوله تعالى (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة) الآية 120
47 قوله تعالى (ولئن سألتهم ليقولون إنما كنا نخوض ونلعب) الآية 121
48 قوله تعالى (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) الآية 123
49 قوله تعالى (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) الآية 123
50 قوله تعالى (وعد الله المنافقين والمنافقات) 127
51 قوله تعالى (ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم) 129
52 قوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) الآية 130
53 قوله تعالى (وعد الله المؤمنين والمؤمنات) 132
54 قوله تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) الآية 134
55 قوله تعالى (يحلفون بالله ما قالوا) الآية 135
56 قوله تعالى (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله) الآية 137
57 قوله تعالى (فلما آتاهم من فضله بخلوا به) 141
58 قوله تعالى (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم 142
59 قوله تعالى (الذين يلمزون المطوعين) الآية 144
60 قوله تعالى (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) 146
61 قوله تعالى (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله) الآية 148
62 قوله تعالى (فان رجعك الله إلى طائفة منهم) 150
63 قوله تعالى (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) الآية 151
64 قوله تعالى (ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) الآية 154
65 قوله تعالى (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله) 155
66 قوله تعالى (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم) الآية 156
67 قوله تعالى (لكن الرسول والذين آمنوا معه) الآية 157
68 قوله تعالى (وجاء المعذرون من الأعراب) 158
69 قوله تعالى (ليس على الضعفاء ولا على المرضى) الآية 159
70 قوله تعالى (إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء) الآية 162
71 قوله تعالى (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم) الآية 163
72 قوله تعالى (الاعراب أشد كفرا ونفاقا) 164
73 قوله تعالى (ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مغرما) الآية 165
74 قوله تعالى (ومن الاعراب من يؤمن بالله) 167
75 قوله تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) الآية 168
76 قوله تعالى (وممن حولكم من الاعراب منافقون) الآية 172
77 قوله تعالى (وآخرون اعترفوا بذنوبهم) 174
78 قوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم) الآية 177
79 قوله تعالى (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده) 184
80 قوله تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) الآية 187
81 قوله تعالى (وآخرون مرجون لأمر الله) 190
82 قوله تعالى (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا) الآية 192
83 قوله تعالى (لا تقم فيه أبدا) الآية 194
84 قوله تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم) الآية 198
85 قوله تعالى (التائبون العابدون) الآية 202
86 قوله تعالى (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) الآية 208
87 قوله تعالى (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه) الآية 210
88 قوله تعالى (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم) الآية 212
89 قوله تعالى (لقد تاب الله على النبي) الآية 213
90 قوله تعالى (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) 216
91 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) 220
92 قوله تعالى (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب) الآية 223
93 قوله تعالى (ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة) الآية 224
94 قوله تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) الآية 225
95 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم) الآية 228
96 قوله تعالى (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا 230
97 قوله تعالى (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة) الآية 232
98 قوله تعالى (وإذا ما أنزلت سورة نظر بعض إلى بعض) الآية 233
99 قوله تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) 235
100 قوله تعالى (فإن تولوا فقل حسبي الله) 237