المال المذكور في الآية الإعانة، والمعصية لا تستوجب الإعانة، وإن حصل لا بسبب معصية فهو قسمان: دين حصل بسبب نفقات ضرورية أو في مصلحة، ودين حصل بسبب حمالات وإصلاح ذات بين، والكل داخل في الآية، وروى الأصم في " تفسيره " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى بالغرة في الجنين، قال العاقلة: لا نملك الغرة يا رسول الله قال لحمد بن مالك بن النابغة: " أعنهم بغرة من صدقاتهم " وكان حمد على الصدقة يومئذ.
الصنف السابع: قوله تعالى: * (وفي سبيل الله) * قال المفسرون: يعني الغزاة. قال الشافعي رحمه الله: يجوز له أن يأخذ من مال الزكاة وإن كان غنيا وهو مذهب مالك وإسحق وأبي عبيد. وقال أبو حنيفة وصاحباه رحمهم الله: لا يعطى الغازي إلا إذا كان محتاجا.
واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله: * (وفي سبيل الله) * لا يوجب القصر على كل الغزاة، فلهذا المعنى نقل القفال في " تفسيره " عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد، لأن قوله: * (وفي سبيل الله) * عام في الكل.
والصنف الثامن: ابن السبيل قال الشافعي رحمه الله: ابن السبيل المستحق للصدقة وهو الذي يريد السفر في غير معصية فيعجز عن بلوغ سفره إلا بمعونة. قال الأصحاب: ومن أنشأ السفر من بلده لحاجة، جاز أن يدفع إليه سهم ابن السبيل، فهذا هو الكلام في شرح هذه الأصناف الثمانية.
المسألة الخامسة: في أحكام هذه الأقسام. الحكم الأول اتفقوا على أن قوله: * (إنما الصدقات) * دخل فيه الزكاة الواجبة، لأن الزكاة الواجبة مسماة بالصدقة، قال تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة) * (التوبة: 103) وقال عليه الصلاة والسلام: " ليس فيما دون خمسة ذود وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " واختلفوا في أنه هل تدخل فيها الصدقة المندوبة فمنهم من قال: تدخل فيها لأن لفظ الصدقة مختص بالمندوبة فإذا أدخلنا فيه الزكاة الواجبة فلا أقل من أن تدخل فيه أيضا الصدقة المندوبة وتكون الفائدة أن مصارف جميع الصدقات ليس إلا هؤلاء، والأقرب أن المراد من لفظ الصدقات ههنا هو الزكوات الواجبة ويدل عليه وجوه: الأول: أنه تعالى أثبت هذه الصدقات بلام التمليك للأصناف الثمانية، والصدقة المملوكة لهم ليست إلا الزكاة الواجبة، الثاني: أن ظاهر هذه الآية يدل على أن مصرف الصدقات ليس إلا لهؤلاء الثمانية، وهذا الحصر إنما يصح لو حملنا هذه الصدقات على الزكوات الواجبة، أما لو أدخلنا فيها المندوبات لم يصح هذا الحصر، لأن الصدقات المندوبة يجوز صرفها إلى بناء المساجد، والرباطات، والمدارس، وتكفين