الذي رأيت رأسه من ذهب، فإنه ملك حسن مثل الذهب، وكان قد ملك الأرض كلها، وأما العنق من الشبه، فهو ملك ابنك بعد، يملك فيكون ملكه حسنا، ولا يكون مثل الذهب، وأما صدره الذي من حديد فهو ملك أهل فارس، يملكون بعدك ابنك، فيكون ملكهم شديدا مثل الحديد، وأما بطنه الاخلاط، فإنه يذهب ملك أهل فارس، ويتنازع الناس الملك في كل قرية، حتى يكون الملك يملك اليوم واليومين، والشهر والشهرين، ثم يقتل، فلا يكون للناس قوام على ذلك، كما لم يكن للصنم قوام على رجلين من فخار، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله تعالى نبيا من أرض العرب، فأظهره على بقية ملك أهل فارس، وبقية ملك ابنك وملكك، فدمره وأهلكه حتى لا يبقى منه شئ، كما جاءت الصخرة فهدمت الصنم، فعطف عليهم بختنصر فأحبهم. ثم إن المجوس وشوا بدانيال، فقالوا: إن دانيال إذا شرب الخمر لم يملك نفسه أن يبول، وكان ذلك فيهم عارا، فجعل لهم بختنصر طعاما، فأكلوا وشربوا، وقال للبواب: انظر أول من يخرج عليك يبول، فاضربه بالطبرزين، (1)، وإن قال: أنا بختنصر، فقل: كذبت، بختنصر أمرني: فحبس الله عن دانيال البول، وكان أول من قام من القوم يريد البول بختنصر، فقام مدلا، وكان ذلك ليلا، يسحب ثيابه، فلما رآه البواب شد عليه، فقال: أنا بختنصر، فقال: كذبت، بختنصر أمرني أن أقتل أول من يخرج، فضربه فقتله.
16667 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي المعلى، قال:
سمعت سعيد بن جبير، قال: بعث الله عليهم في المرة الأولى سنحاريب. قال فرد الله لهم الكرة عليهم، كما قال، قال: ثم عص. ربهم وعادوا لما نوا عنه، فبعث عليهم في المرة الآخرة بختنصر، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية، وأخذ ما وجد من الأموال، ودخلوا بيت المقدس، كما قال الله عز وجل: (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) دخلوه فتبروه وخربوه وألقوا فيه ما استطاعوا من العذرة (2) والحيض والجيف والقذر، فقال الله (عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا) (3) فرجمهم فرد إليهم ملكهم وخلص من كان في أيديهم من ذرية بني إسرائيل، وقال لهم: إن عدتم عدنا. فقال أبو المعلى، ولا أعلم ذلك، إلا من هذا الحديث، ولم يعدهم الرجعة إلى ملكهم.