ذلك، فوشوا بهم إليه وقالوا: إن دانيال وأصحابه لا يعبدون إلهك، ولا يأكلون من ذبيحتك، فدعاهم فسألهم، فقالوا: أجل إن لنا ربا نعبده، ولسنا نأكل من ذبيحتكم، فأمر بخد فخد لهم، فألقوا فيه وهم ستة، وألقى معهم سبعا ضاريا ليأكلهم، فقال: انطلقوا فلنأكل ولنشرب، فذهبوا فأكلوا وشربوا، ثم راحوا فوجدوهم جلوسا والسبع مفترش ذراعيه بينهم، ولم يخدش منهم أحدا، ولم ينكأه شيئا، ووجدوا معهم رجلا، فعدوهم فوجدوهم سبعة، فقالوا: ما بال هذا السابع إنما كانوا ستة؟ فخرج إليهم السابع، وكان ملكا من الملائكة، فلطمه لطمة فصار في الوحش، فكان فيهم سبع سنين، لا يراه وحشي إلا أتاه حتى ينكحه، يقتص منه ما كان يصنع بالرجال ثم إنه رجع ورد الله عليه ملكه، فكانوا أكرم خلق الله عليه. ثم إن المجوس وشوا به ثانية، فألقوا أسدا في بئر جانب، وقام دانيال في جانب لا يمسه، فأخرجوه، وقد كان قبل ذلك خد لهم خدا، فأوقد فيه نارا، حتى إذا أججها قذفهم فيها، فأطفأها الله عليهم ولم ينلهم منها شئ. ثم إن بختنصر رأى بعد ذلك في منامه صنما رأسه من ذهب، وعنقه من شبه (2)، وصدره من حديد، وبطنه أخلاط ذهب وفضة وقوارير، ورجلاه من فخار، فبينا هو قائم ينظر، إذ جاءت صخرة من السماء من قبل القبلة، فكسرت الصنم فجعلته هشيما، فاستيقظ فزعا وأنسيها، فدعا السحرة والكهنة، فسألهم، فقال: أخبروني عما رأيت! فقالوا له: لا، بل أنت أخبرنا ما رأيت فنعبره لك.
قال: لا أدري، قالوا له: فهؤلاء الفتية الذين تكرمهم، فادعهم فاسألهم، فإن هم لم يخبروك بما رأيت فما تصنع بهم؟ قال: أقتلهم! فأرسل إلى دانيال وأصحابه، فدعاهم، فقال لهم: أخبروني ماذا رأيت؟ فقال له دانيال: بل أنب أخبرنا ما رأيت فنعبره لك! قال:
لا أدري قد نسيتها! فقال له دانيال: كيف نعلم رؤيا لم تخبرنا بها؟ فأمر البواب أن يقتلهم، فقال دانيال للبواب: إن الملك إنما أمر بقتلنا من أجل رؤياه، فأخرنا ثلاثة أيام، فإن نحن أخبرنا الملك برؤياه وإلا فاضرب أعناقنا، فأجلهم فدعوا الله، فلما كان اليوم الثالث أبصر كل رجل منهم رؤيا بختنصر على حدة، فأتوا البواب فأخبروه، فدخل على الملك فأخبره، فقال: أدخلهم علي، وكان بختنصر لا يعرف من رؤياه شيئا، إلا شيئا يذكرونه، فقالوا له:
أنت رأيت كذا وكذا، فقصوها عليه، فقال: صدقتم! قالوا: نحن نعبرها لك. أما الصنم