عليهم القرآن أكنة وهي جمع كنان، وذلك ما يتغشاها من خذلان الله إياهم عن فهم ما يتلى عليهم وفي آذانهم وقرا يقول: وجعلنا في آذانهم وقرا عن سماعه، وصمما. والوقر بالفتح في الاذن: الثقل. والوقر بالكسر: الحمل. وقوله: وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده يقول: وإذا قلت: لا إله إلا الله في القرآن وأنت تتلوه ولوا على أدبارهم نفورا يقول: انفضوا، فذهبوا عنك نفورا من قولك استكبارا له واستعظاما من أن يوحد الله تعالى.
وبما قلنا في ذلك، قال بعض أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
16860 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا وإن المسلمين لما قالوا: لا إله إلا الله، أنكر ذلك المشركون وكبرت عليهم، فصافها إبليس وجنوده، فأبى الله إلا أن يمضيها وينصرها ويفلجها ويظهرها على من ناوأها، إنها كلمة من خاصم بها فلج، ومن قاتل بها نصر، إنما يعرفها أهل هذه الجزيرة من المسلمين، التي يقطعها الراكب في ليال قلائل ويسير الدهر في فئام من الناس لا يعرفونها ولا يقرون بها.
16861 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا قال: بغضا لما تكلم به لئلا يسمعوه، كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتوبة، ويستغشون ثيابهم، قال: يلتفون بثيابهم، ويجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا ولا ينظر إليهم.
وقال آخرون: إنما عني بقوله ولوا على أدبارهم نفورا الشياطين، وإنها تهرب من قراءة القرآن، وذكر الله. ذكر من قال ذلك:
16862 - حدثني الحسين بن محمد الذارع، قال: ثنا روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي، قال: ثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، في قوله: وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا هم الشياطين.
والقول الذي قلنا في ذلك أشبه بما دل عليه ظاهر التنزيل، وذلك أن الله تعالى أتبع ذلك قوله وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا فأن يكون ذلك خبرا عنهم أولى إذ كان بخبرهم متصلا من أن يكون خبرا عمن لم يجز له ذكر.