فإنه قد اتبع دين هود * وترك ديننا ثم خرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد فلما ولوا إلى مكة، خرج مرثد بن سعد من منزل معاوية بن بكر، حتى أدركهم بها، فقال: لا أدعو الله بشئ مما خرجوا له فلما انتهى إليهم، قام يدعو الله بمكة، وبها وفد عاد قد اجتمعوا يدعون، يقول: اللهم أعطني سؤلي وحدي، ولا تدخلني في شئ مما يدعوك به وفد عاد وكان قيل بن عنز رأس وفد عاد، وقال وفد عاد: اللهم أعط قيلا ما سألك، واجعل سؤلنا مع سؤله. وكان قد تخلف عن وفد عاد حين دعا لقمان بن عاد وكان سيد عاد حتى إذا فرغوا من دعوتهم، قام فقال: اللهم إني جئتك وحدي في حاجتي، فأعطني سؤلي وقال قيل بن عنز حين دعا: يا إلهنا إن كان هود صادقا فاسقنا، فإنا قد هلكنا فأنشأ الله لهم سحائب ثلاثا: بيضاء وحمراء وسوداء، ثم ناداه مناد من السحاب: يا قيل اختر لنفسك ولقومك من هذه السحائب فقال: اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء، فناداه مناد:
اخترت رمادا رمددا، لا تبق من آل عاد أحدا، لا والدا تترك ولا ولدا، إلا جعلته همدا، إلا بني اللوذية المهدى. وبني اللوذية: بنو لقيم بن هزال بن هزيلة بن بكر وكانوا سكانا بمكة مع أخوالهم، ولم يكونوا مع عاد بأرضهم، فهم عاد الآخرة ومن كان من نسلهم الذين بقوا من عاد. وساق الله السحابة السوداء فيما يذكرون التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى خرجت عليهم من واد يقال له المغيث فلما رأوها استبشروا بها وقالوا هذا عارض ممطرنا يقول الله: بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ بأمر ربها: أي كل شئ أمرت به. وكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون، امرأة من عاد يقال لها مهدد. فلما تيقنت ما فيها، صاحت ثم صعقت فلما أن أفاقت قالوا: ماذا رأيت يا مهدد؟ قالت: رأيت ريحا فيها كشهب النار، أمامها رجال يقودونها. فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما، كما قال الله والحسوم:
الدائمة فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك. فاعتزل هود فيما ذكر لي ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبه ومن معه من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذ به الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة. وخرج وفد عاد من مكة، حتى