ذلك على قدر اختلافها في لغتها فيه. وكان يقول: هو نظير الخسف والخسف بفتح الخاء وضمها.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن قراءة من قرأ ذلك نشرا ونشرا بفتح النون وسكون الشين وبضم النون والشين قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، فلا أحب القراءة بها، وإن كان لها معنى صحيح ووجه مفهوم في المعنى والاعراب لما ذكرنا من العلة وأما قوله بين يدي رحمته فإنه يقول قدام رحمته وأمامها والعرب كذلك تقول لكل شئ حدث قدام شئ وأمامه جاء بين يديه لان ذلك من كلامهم جرى في إخبارهم عن بني آدم وكثر استعمال فيهم حتى قالوا ذلك في غير ابن آدم وما لا يدله والرحمة التي ذكرها جل ثناؤه في هذا الموضع المطر.
فمعنى الكلام إذن: والله الذي يرسل الرياح لينا هبوبها، طيبا نسيمها، أمام غيثه الذي يسوقه بها إلى خلقه، فينشئ بها سحابا ثقالا، حتى إذا أقلتها، والاقلال بها: حملها، كما يقال: استقل البعير بحمله وأقله: إذا حمله فقام به. ساقه الله لاحياء بلد ميت قد تعفت مزارعه ودرست مشاربه وأجدب أهله، فأنزل به المطر وأخرج به من كل الثمرات.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11473 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السدي: وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته... إلى قوله: لعلكم تذكرون قال: إن الله يرسل الريح، فتأتي بالسحاب من بين الخافقين طرف السماء والأرض من حيث يلتقيان، فيخرجه من ثم، ثم ينشره فيبسطه في السماء كيف يشاء، ثم يفتح أبواب السماء، فيسيل الماء على السحاب، ثم يمطر السحاب بعد ذلك. وأما رحمته:
فهو المطر.
وأما قوله: كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون فإنه يقول تعالى ذكره: كما نحيي هذا البلد الميت بما ننزل به من الماء الذي ننزله من السحاب، فنخرج به من الثمرات بعد موته وجدوبته وقحوط أهله، كذلك نخرج الموتى من قبورهم أحياء بعد فنائهم ودروس آثارهم. لعلكم تذكرون يقول تعالى ذكره للمشركين به من عبدة الأصنام،