قريب منا، والهندان منا قريب، والهندات منا قريب، لان معنى ذلك: هي في مكان قريب منا، فإذا حذفوا المكان وجعلوا القريب خلفا منه، ذكروه ووحدوه في الجمع، كما كان المكان مذكرا وموحدا في الجمع. وأما إذا أنثوه أخرجوه مثنى مع الاثنين ومجموعا مع الجميع فقالوا: هي قريبة، منا، وهما منا قريبتان، كما قال عروة بن الورد:
عشية لا عفراء منك قريبة * فتدنو ولا عفراء منك بعيد فأنث قريبة، وذكر بعيدا على ما وصفت. ولو كان القريب من القرابة في النسب لم يكن مع المؤنث إلا مؤنثا ومع الجمع إلا مجموعا. وكان بعض نحويي البصرة يقول:
ذكر قريب وهو صفة للرحمة، وذلك كقول العرب: ريح خريق، وملحفة جديد، وشاة سديس. قال: وإن شئت قلت: تفسير الرحمة ههنا المطر ونحوه، فلذلك ذكر كما قال:
وإن كان طائفة منكم آمنوا فذكر لأنه أراد الناس، وإن شئت جعلته كبعض ما يذكرون من المؤنث، كقول الشاعر:
(ولا أرض أبقل إبقالها) وقد أنكر ذلك من قيله بعض أهل العربية، ورأى أنه يلزمه إن جاز أن يذكر قريبا توجيها منه للرحمة إلى معنى المطر أن يقول: هند قام، توجيها منه لهند وهي امرأة إلى معنى انسان، ورأى أن ما شبه به قوله: إن رحمة الله قريب من المحسنين بقوله: وإن كان طائفة منكم آمنوا غير مشبهة، وذلك أن الطائفة فيما زعم مصدر بمعنى الطيف، كما الصيحة والصياح بمعنى، ولذلك قيل: وأخذ الذين ظلموا الصيحة. القول في تأويل قوله تعالى: