برئ من محمد (ص) ومحمد منه برئ، وهو داخل في عموم قوله: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ.
وأما قوله: لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: نزلت هذه الآية على نبي الله بالأمر بترك قتال المشركين قبل وجوب فرض قتالهم، ثم نسخها الامر بقتالهم في سورة براءة، وذلك قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم. ذكر من قال ذلك:
11094 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: قوله: لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله لم يؤمر بقتالهم، ثم نسخت، فأمر بقتالهم في سورة براءة.
وقال آخرون: بل نزلت على النبي (ص) إعلاما من الله له أن من أمته من يحدث بعده في دينه وليست بمنسوخة، لأنها خبر لا أمر، والنسخ إنما يكون في الأمر والنهي. ذكر من قال ذلك:
11095 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا مالك بن مغول، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص، أنه تلا هذه الآية: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ ثم يقول: برئ نبيكم (ص) منهم.
11096 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي وابن إدريس وأبو أسامة ويحيى بن آدم، عن مالك بن مغول، بنحوه.
11097 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا شجاع أبو بدر، عن عمرو بن قيس الملا، قال: قالت أم سلمة: ليتق امرؤ أن لا يكون من رسول الله (ص) في شئ ثم قرأت: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ قال عمرو بن قيس: قالها مرة الطيب وتلا هذه الآية.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن قوله: لست منهم في شئ إعلام من الله نبيه محمدا (ص) أنه من مبتدعة أمته الملحدة في دينه برئ، ومن الأحزاب من مشركي قومه ومن اليهود والنصارى. وليس في إعلامه ذلك ما يوجب أن يكون نهاه عن قتالهم،