وعلى هذه القراءة، أعني قراءة عبد الله، قراء المدينة والبصرة وعامة قراء الكوفيين.
وكأن عبد الله تأول بقراءته ذلك كذلك أن دين الله واحد، وهو دين إبراهيم الحنيفية المسلمة، ففرق ذلك اليهود والنصارى، فتهود قوم، وتنصر آخرون، فجعلوه شيعا متفرقة.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان، قد قرأت بكل واحدة منهما أئمة من القراء، وهما متفقتا المعنى غير مختلفتيه. وذلك أن كل ضال فلدينه مفارق، وقد فرق الأحزاب دين الله الذي ارتضاه لعباده، فتهود بعض، وتنصر آخرون، وتمجس بعض، وذلك هو التفريق بعينه ومصير أهله شيعا متفرقين غير مجتمعين، فهم لدين الله الحق مفارقون وله مفرقون فبأي ذلك قرأ القارئ فهو للحق مصيب، غير أني أختار القراءة بالذي عليه عظم القراء، وذلك تشديد الراء من فرقوا.
ثم اختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله إن الذين فرقوا دينهم فقال بعضهم:
عني بذلك اليهود والنصارى. ذكر من قال ذلك:
11085 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: وكانوا شيعا قال: يهود.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
11086 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: فرقوا دينهم قال: هم اليهود والنصارى.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا من اليهود والنصارى.
11087 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ هؤلاء اليهود والنصارى.
وأما قوله: فرقوا دينهم فيقول: تركوا دينهم وكانوا شيعا.
11088 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا وذلك أن اليهود