قال الإمام أبو جعفر: فذهب ابن عباس فيما أرى إلى نحو القول الذي حكيت عن شريح وقتادة، من أن ذلك رجلان آخران من المسلمين يقومان مقام النصرانيين، أو عدلان من المسلمين هما أعدل وأجوز شهادة من الشاهدين الأولين أو المقسمين. وفي إجماع جميع أهل العلم على أن لا حكم لله تعالى يجب فيه على شاهد يمين فيما قام به من الشهادة، دليل واضح على أن غير هذا التأويل الذي قاله الحسن ومن قال بقوله في قول الله تعالى: فآخران يقومان مقامهما أولى به.
وأما قوله الأوليان فإن معناه عندنا: الأولى بالميت من المقسمين الأولين فالأولى، وقد يحتمل أن يكون معناه: الأولى باليمين منهما فالأولى، ثم حذف منهما والعرب تفعل ذلك فتقول: فلان أفضل، وهي تريد أفضل منك، وذلك إذا وضع أفعل موضع الخبر. وإن وقع موقع الاسم وأدخلت فيه الألف واللام، فعلوا ذلك أيضا إذا كان جوابا لكلام قد مضى، فقالوا: هذا الأفضل، وهذا الأشرف يريدون هو الأشرف منك. وقال ابن زيد: معنى ذلك: الأوليان بالميت.
10102 - حدثني يونس، عن ابن وهب، عنه.
القول في تأويل قوله تعالى: فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهم وما اعتدينا إنا إذن لمن الظالمين.
يقول تعالى ذكره: فيقسم الآخران اللذان يقومان مقام اللذين عثر على أنهما استحقا إثما بخيانتهما مال الميت الأوليان باليمين والميت من الخائنين: لشهادتنا أحق من شهادتهما يقول: لأيماننا أحق من أيمان المقسمين المستحقين الاثم وأيمانهما الكاذبة في أنهما قد خانا في كذا وكذا من مال ميتنا، وكذا في أيمانهما التي حلفا بها. وما اعتدينا يقول: وما تجاوزنا الحق في أيماننا. وقد بينا أن معنى الاعتداء: المجاوزة في الشئ حده.
إنا إذن لمن الظالمين يقول: إنا إن كنا اعتدينا في أيماننا، فحلفنا مبطلين فيها كاذبين، لمن الظالمين يقول: لمن عداد من يأخذ ما ليس له أخذه، ويقتطع بأيمانه الفاجرة أموال الناس. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين) *.