يتم الخبر عند من قال: لا يجوز الابدال قبل إتمام الخبر، كما قال: غير جائز مررت برجل قام زيد وقعد وزيد بدل من رجل.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: الأوليان مرفوعان بما لم يسم فاعله، وهو قوله: استحق عليهم وأنهما موضع الخبر عنهما، فعمل فيهما ما كان عاملا في الخبر عنهما وذلك أن معنى الكلام: فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الاثم بالخيانة، فوضع الأوليان موضع الاثم كما قال تعالى في موضع آخر: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر ومعناه: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر؟ وكما قال: وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم، وكما قال بعض الهذليين:
يمشي بيننا حانوت خمر من * الخرس الصراصرة القطاط وهو يعني صاحب حانوت خمر، فأقام الحانوت مقامه لأنه معلوم أن الحانوت لا يمشي، ولكن لما كان معلوما عنده أنه لا يخفى على سامعه ما قصد إليه من معناه حذف الصاحب، واجتزأ بذكر الحانوت منه، فكذلك قوله: من الذين استحق عليهم الأوليان إنما هو من الذين استحق فيهم خيانتهما، فحذفت الخيانة وأقيم المختانان مقامها، فعمل فيهما ما كان يعمل في المحذوف ولو ظهر. وأما قوله: عليهم في هذا الموضع، فإن معناها: فيهم، كما قال تعالى: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان يعني: في ملك سليمان، وكما قال: ولأصلبنكم في جذوع النخل ف في توضع موضع على، وعلى في موضع في كل واحدة منهما تعاقب صاحبتها في الكلام، ومنه قول الشاعر:
متى ما تنكروها تعرفوها * على أقطارها علق نفيث