قليلا ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله، إنا إذن لمن الآثمين، إن صاحبكم لبهذا أوصى، وإن هذه لتركته فيقول لهما الامام قبل أن يحلفا: إنكما إن كنتما كتمتما أو خنتما فضحتكما في قومكما ولم أجز لكما شهادة وعاقبتكما. فإن قال لهما ذلك، فإن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها.
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين.
يقول تعالى ذكره: وخافوا الله أيها الناس، وراقبوه في أيمانكم أن تحلفوا بها كاذبة وأن تذهبوا بها مال من يحرم عليكم ماله، وأن تخونوا من ائتمنكم.
واسمعوا يقول: اسمعوا ما يقال لكم وما توعظون به، فاعملوا به وانتهوا إليه. والله لا يهدي القوم الفاسقين يقول: والله لا يوفق من فسق عن أمر ربه فخالفه وأطاع الشيطان وعصى ربه.
وكان ابن زيد يقول: الفاسق في هذا الموضع: هو الكاذب.
10107 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: والله لا يهدي القوم الفاسقين: الكاذبين يحلفون على الكذب.
وليس الذي قال ابن زيد من ذلك عندي بمدفوع، إلا أن الله تعالى عم الخبر بأنه لا يهدي جميع الفساق، ولم يخصص منهم بعضا دون بعض بخبر ولا عقل، فذلك على معاني الفسق كلها حتى يخصص شيئا منها ما يجب التسليم له فيسلم له.
ثم اختلف أهل العلم في حكم هاتين الآيتين، هل هو منسوخ، أو هو محكم ثابت؟
فقال بعضهم: هو منسوخ. ذكر من قال ذلك:
10108 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، عن رجل، قد سماه، عن حماد، عن إبراهيم، قال: هي منسوخة.
10109 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: هي منسوخة. يعني هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم... الآية.
وقال جماعة: هي محكمة وليست بمنسوخة. وقد ذكرنا قول أكثرهم فيما مضى.
والصواب من القول في ذلك أن حكم الآية منسوخ، وذلك أن من حكم الله تعالى