وقال آخرون: معنى ذلك: قالوا لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا. ذكر من قال ذلك:
10114 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا.
وقال آخرون: معنى ذلك ماذا أجبتم: ماذا عملوا بعدكم؟ وماذا أحدثوا؟. ذكر من قال ذلك:
10115 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم: ماذا عملوا بعدكم، وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا: قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت علام الغيوب.
وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: معناه: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا، لأنه تعالى ذكره أخبر عنهم أنهم قالوا: لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت علام الغيوب:
أي أنك لا يخفى عليك ما عندنا من علم ذلك ولا غيره من خفي العلوم وجليها. فإنما نفي القوم أن يكون لهم بما سئلوا عنه من ذلك علم لا يعلمه هو تعالى ذكره، لا أنهم نفوا أن يكونوا علموا ما شاهدوا، كيف يجوز أن يكون ذلك كذلك وهو تعالى ذكره يخبر عنهم أنهم يخبرون بما أجابتهم به الأمم وأنهم سيشهدون على تبليغهم الرسالة شهداء، فقال تعالى ذكره: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا.
وأما الذي قاله ابن جريج من أن معناه: ماذا عملت الأمم بعدكم؟ وماذا أحدثوا؟
فتأويل لا معنى له، لان الأنبياء لم يكن عندها من العلم بما يحدث بعدها إلا ما أعلمها الله من ذلك، وإذا سئلت عما عملت الأمم بعدها والامر كذلك فإنما يقال لها: ماذا عرفناك أنه كائن منهم بعدك؟ وظاهر خبر الله تعالى ذكره عن مسألته إياهم يدل على غير ذلك القول في تأويل قوله تعالى:
* (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة