علفتها تبنا وماء باردا * حتى غدت همالة عيناها يريد: وسقيتها ماء باردا، فاستغنى بقوله علفتها تبنا من إظهار سقيتها، إذ كان السامع إذا سمعه عرف معناه. فكذلك في قوله: يوم يجمع الله الرسل حذف واحذروا لعلم السامع معناه، اكتفاء بقوله: واتقوا الله واسمعوا إذ كان ذلك تحذيرا من أمر الله تعالى خلقه عقابه على معاصيه.
وأما قوله: ماذا أجبتم فإنه يعني به: ما الذي أجابتكم به أممكم حين دعوتموهم إلى توحيدي والاقرار بي والعمل بطاعتي والانتهاء عن معصيتي؟ قالوا: لا علم لنا.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى قولهم: لا علم لنا لم يكن ذلك من الرسل إنكارا أن يكونوا كانوا عالمين بما عملت أممهم، ولكنهم ذهلوا عن الجواب من هول ذلك اليوم، ثم أجابوا بعد أنه ثابت إليهم عقولهم بالشهادة على أممهم.
ذكر من قال ذلك:
10110 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا قال: ذلك أنهم لما نزلوا منزلا ذهلت فيه العقول، فلما سئلوا، قالوا: لا علم لنا. ثم نزلوا منزلا آخر، فشهدوا على قومهم.
10111 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، قال: سمعت الحسن يقول، في قوله: يوم يجمع الله الرسل.... الآية، قال: من هول ذلك اليوم.
10112 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن مجاهد في قوله: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم فيفزعون، فيقول: ماذا أجبتم؟ فيقولون: لا علم لنا.
وقال آخرون: معنى ذلك: لا علم لنا إلا ما علمتنا. ذكر من قال ذلك:
10113 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، في قوله: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم فيقولون: قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت علام الغيوب.