قال: فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا فقال به، فعاد بالهاء على اسم الله وإنما المعنى: لا نشتري بقسمنا بالله، فاجتزئ بالعود على اسم الله بالذكر، والمراد به:
لا نشتري بالقسم بالله استغناء بفهم السامع بمعناه عن ذكر اسم القسم. وكذلك اجتزئ بذكر الأوليين من ذكر الاثم الذي استحقه الخائنان لخيانتهما إياها، إذ كان قد جرى ذكر ذلك بما أغنى السامع عند سماعه إياه عن إعادته، وذلك قوله: فإن عثر على أنهما استحقا إثما. وأما الذين قرأوا ذلك الأولين فإنهم قصدوا في معناه إلى الترجمة به عن الذين، فأخرجوا ذلك على وجه الجمع، إذ كان الذين جمعا وخفضا، إذ كان الذين مخفوضا. وذلك وجه من التأويل، غير أنه إنما يقال للشئ أول إذا كان له آخر هو له أول، وليس للذين استحق عليهم الاثم آخرهم له أول، بل كانت أيمان الذين عثر على أنهما استحقا إثما قبل إيمانهم، فهم إلى أن يكونوا إذ كانت أيمانهم آخرا أولى أن يكونوا آخرين من أن يكونوا أولين وأيمانهم آخرة لاولى قبلها. وأما القراءة التي حكيت عن الحسن، فقراءة عن قراءة الحجة من القراء شاذة، وكفى بشذوذها عن قراءتهم دليلا على بعدها من الصواب.
واختلف أهل العربية في الرافع لقوله: الأوليان إذا قرئ كذلك، فقال بعض نحويي البصرة: يزعم أنه رفع ذلك بدلا من آخران في قوله: فآخران يقومان مقامهما وقال: إنما جاز أن يبدل الأوليان وهو معرفة من آخران وهو نكرة، لأنه حين قال: يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم كان كأنه قد حدهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى، فقال: الأوليان، فأجرى المعرفة عليهما بدلا. قال: ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير. واستشهد لصحة قوله ذلك بقول الراجز:
علي يوم يملك الأمورا * صوم شهور وجبت نذورا وبادنا مقلدا منحورا قال: فجعله علي واجب، لأنه في المعنى قد أوجب.
وكان بعض نحويي الكوفة ينكر ذلك ويقول: لا يجوز أن يكون الأوليان بدلا من آخران من أجل أنه قد نسق فيقسمان على يقومان في قوله: فآخران يقومان فلم