وأديت إليهم خمسمائة درهم، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فأتوا به رسول الله (ص)، فسألهم البينة فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه، فحلف، فأنزل الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم... إلى قوله: أن ترد أيمان بعد أيمانهم فقام عمرو بن العاص، ورحل آخر منهم، فحلفا، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء.
10093 - حدثنا القاسم: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة وابن سيرين وغيره. قال: وثنا الحجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، دخل حديث بعضهم في بعض: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم... الآية، قال: كان عدي وتميم الداري وهما من لخم نصرانيان يتجران إلى مكة في الجاهلية. فلما هاجر رسول الله (ص) حولا متجرهما إلى المدينة، فقدم ابن أبي مارية مولى عمرو بن العاص المدينة، وهو يريد الشام تاجرا. فخرجوا جميعا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق مرض ابن أبي مارية، فكتب وصيته بيده ثم دسها في متاعه، ثم أوصى إليهما. فلما مات، فتحا متاعه، فأخذا ما أرادا.
ثم قدما على أهله فدفعا ما أرادا، ففتح أهله متاعه، فوجدوا كتابه وعهده وما خرج به، وفقدوا شيئا فسألوهما عنه، فقالوا: هذا الذي قبضنا له ودفع إلينا قال لهما أهله: فباع شيئا أو ابتاعه؟ قالا: لا. قالوا: فهل استهلك من متاعه شيئا؟ قالا: لا. قالوا: فهل تجر تجارة؟
قالا: لا. قالوا: فإنا قد فقدنا بعضه فاتهما، فرفعوهما إلى رسول الله (ص)، فنزلت هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت... إلى قوله: إنا إذا لمن الآثمين قال: فأمر رسول الله (ص) أن يستحلفوهما في دبر صلاة العصر: بالله الذي لا إله إلا هو، ما قبضنا له غير هذا ولا كتمنا قال: فمكثنا ما شاء الله أن نمكث، ثم ظهر معهما على إناء من فضة منقوش مموه بذهب، فقال أهله: هذا من متاعه، قالا: نعم، ولكنا اشتريناه منه ونسينا أن نذكره حين حلفنا، فكرهنا أن نكذب أنفسنا فترافعوا إلى رسول الله (ص)، فنزلت الآية الأخرى: فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فأمر رسول الله (ص) رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيبا ويستحقانه. ثم إن تميما الداري أسلم وبايع النبي (ص)، وكان يقول: صدق الله ورسوله، أنا أخذت الاناء.