وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا، قول من قال: تحبسونهما من بعد صلاة العصر لان الله تعالى عرف الصلاة في هذا الموضع بإدخال الألف واللام فيها، ولا تدخلهما العرب إلا في معروف، إما في جنس، أو في واحد معهود معروف عند المتخاطبين. فإذا كان كذلك، وكانت الصلاة في هذا الموضع مجمعا على أنه لم يعن بها جميع الصلوات، لم يجز أن يكون مرادا بها صلاة المستحلف من اليهود والنصارى، لان لهم صلوات ليست واحدة، فيكون معلوما أنها المعنية بذلك. فإذ كان ذلك كذلك، صح أنها صلاة بعينها من صلوات المسلمين. وإذ كان ذلك كذلك، وكان النبي (ص) صحيحا عنه أنه إذ لاعن بين العجلانيين لاعن بينهما بعد العصر دون غيرها من الصلوات، كان معلوما أن التي عنيت بقوله: تحبسونهما من بعد الصلاة هي الصلاة التي كان رسول الله (ص) يتخيرها لاستحلاف من أراد تغليظ اليمين عليه. هذا مع ما عند أهل الكفر بالله من تعظيم ذلك الوقت، وذلك لقربه من غروب الشمس. وكان ابن زيد يقول في قوله: لا نشتري به ثمنا ما:
10080 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: لا نشتري به ثمنا قال: نأخذ به رشوة.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين.
اختلفت القراءة في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار: ولا نكتم شهادة الله بإضافة الشهادة إلى الله، وخفض اسم الله تعالى يعني: لا نكتم شهادة الله عندنا. وذكر عن الشعبي أنه كان يقرؤه كالذي:
10081 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، عن ابن عون، عن عامر، أنه كان يقرأ: ولا نكتم شهادة آلله، إنا إذا لمن الآثمين بقطع الألف وخفض اسم الله. هكذا حدثنا به ابن وكيع.
وكأن الشعبي وجه معنى الكلام إلى أنهما يقسمان بالله لا نشتري به ثمنا ولا نكتم شهادة عندنا، ثم ابتدأ يمينا باستفهام بالله أنهما إن اشتريا بأيمانهما ثمنا أو كتما شهادته عندهما لمن الآثمين. وقد روي عن الشعبي في قراءة ذلك رواية تخالف هذه الرواية، وذلك ما