ويستفاد هذا المعنى أيضا من بعض الروايات الأخرى. وكذلك التعبير العميق المعنى للصراط، والذي ورد في روايات متعددة بأنه جسر على جهنم، وأنه أدق من الشعرة وأحد من السيف، هذا التعبير شاهد آخر على هذا التفسير (1).
أما ما يقوله البعض من أن الآية (101) من سورة الأنبياء: أولئك عنها مبعدون دليل على التفسير الأول، فلا يبدو صحيحا، لأن هذه الآية مرتبطة بمحل إقامة ومقر المؤمنين الدائمي، حتى أننا نقرأ في الآية التالية لهذه الآية:
لا يسمعون حسيسها فإذا كان الورود في آية البحث بمعنى الإقتراب، فهي غير مناسبة لكلمة مبعدون ولا لجملة لا يسمعون حسيسها.
3 جواب عن سؤال:
السؤال الوحيد الذي يبقى هنا، هو: ما هي الحكمة هذا العمل؟ وهل أن المؤمنين لا يرون أذى ولا عذابا من هذا العمل؟
إن الإجابة على هذا السؤال - التي وردت في الروايات حول كلا الشقين - ستتضح بقليل من الدقة.
إن مشاهدة جهنم وعذابها في الحقيقة، ستكون مقدمة لكي يلتذ المؤمنون بنعم الجنة بأعلى مراتب اللذة، لأن أحدا لا يعرف قدر العافية حتى يبتلى بمصيبة (وبضدها تتمايز الأشياء) فهناك لا يبتلى المؤمنون بمصيبة، بل يشاهدون المصيبة على المسرح فقط، وكما قرأنا في الروايات السابقة، فإن النار تصبح بردا وسلاما على هؤلاء، ويطغى نورهم على نورها ويخمده.
إضافة إلى أن هؤلاء يمرون على النار بكل سرعة بحيث لا يرى عليهم أدنى أثر، كما روي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال في حديث: " يرد الناس ثم يصدون بأعمالهم،