هذا الأمر الخطير على أحسن وجه.
إن سير الأحداث صاحبها حتى آخر مرحلة، بحيث لم يبق بينها وبين الموت إلا خطوة واحدة، لكن فجأة يرجع كل شئ إلى وضعه، ويهب كل شئ لمساعدتها، وتخطو في محيط هادئ مطمئن من كل الجهات.
جملة وهزي إليك بجذع النخلة التي تأمر مريم بتحريك النخلة لتستفيد من ثمرها، أعطت درسا لها ولكل البشر، بأن لا يكفوا عن الجد والسعي حتى في أشد لحظات الحياة وأصعبها.
إنه جواب لأولئك الذين يسألون عن الحاجة بأن مريم التي وضعت حملها لتوها تقوم وتهز النخلة، ألم يكن من الأولى أن يرسل الله - الذي - بعث عين الماء العذب قرب مريم تلك الشجرة اليابسة - نسمة وريحا تهز النخلة وتسقط الثمر قرب مريم؟ فما الذي حدث، حيث أن مريم عندما كانت سالمة صحيحة كانت تحضر الفاكهة جنب محرابها، أما الآن وقد ابتليت بكل هذه المشاكل فإن عليها أن تقطف الثمر بنفسها؟
أجل، إن هذا الأمر الإلهي لمريم يوضح أنه لا بركة بدون حركة، وبتعبير آخر، فإن على كل إنسان أن يبذل قصارى جهده عند ظهور المشاكل، وما وراء ذلك فعلى الله.
3 2 - لماذا طلبت مريم الموت من الله؟
لا شك أن طلب الموت من الله عمل غير صحيح، إلا أنه قد تقع حوادث في حياة الإنسان يصبح فيها طعم الحياة مرا، وخاصة إذا رأى الإنسان أهدافه المقدسة أو شرفه وشخصيته مهددة بالخطر، ولا يملك قدرة الدفاع عن نفسه أمامها، وفي مثل هذه الظروف يتمنى الإنسان الموت للخلاص من العذاب الروحي.