أبلغ وأحسن!
إلا أن القرآن الكريم يجيب هؤلاء بجواب منطقي ومستدل تماما، وفي الوقت نفسه قاطع ومفحم، فيقول: كأن هؤلاء قد نسوا تاريخ البشر، ولم ينظروا كم دمرنا من الأقوام السابقين عند تمردهم وعصيانهم: وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا (1) فهل استطاعت أموالهم وثروتهم، ومجالسهم الفاسقة، وملابسهم الفاخرة، وصورهم الجميلة أن تمنع العذاب الإلهي وتقف أمامه؟ وإذا كانت هذه الأمور دليلا على شخصيتهم ومنزلتهم عند الله، فلماذا ابتلوا بهذا المصير المشؤوم؟
إن زخارف الدنيا وبهارجها متزلزلة إلى حد أنها تتلاشي وتزول بمجرد أن يهب عليها أدنى نسيم هادئ.
" القرن " - كما قلنا سابقا في ما مر في ذيل الآية (6) من سورة الأنعام - تعني عادة الزمان الطويل، لكن لما كانت قد أخذت من مادة الاقتران، أي الإقتراب، فإنها تقال أيضا للقوم والأناس المجتمعين في زمان واحد.
ثم تحذرهم تحذيرا آخر، بأن لا تظنوا أيها الظالمون الكافرون أن مالكم وثروتكم هذه رحمة، بل كثيرا ما تكون دليلا على العذاب الإلهي: قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا. حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة أي إما العذاب في هذه الدنيا، وإما عذاب الآخرة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا.
في الحقيقة، إن مثل هؤلاء الأفراد الذين لا يمكن هدايتهم (والملاحظ أن القران يقول: من كان في الضلالة وهو إشارة إلى الاستمرار في الضلال) من