منهما مكمل للآخر، وهذا يوضح أن للقرآن وزن يعادل الخلق. وأساسا فإن تربية الخلائق الواردة في الآية الحمد الله رب العالمين غير ممكنة، ما لم يستفاد بصورة تامة من الكتاب السماوي العظيم، أي القرآن.
3 2 - القرآن كتاب ثابت ومستقيم وحافظ كلمة " قيم " على وزن كلمة " سيد " ومشتقة من مصدر الكلمة " قيام " وهنا تأتي بمعنى (الثبات والصمود) إضافة إلى أنها تعني المدبر والحافظ لبقية الكتب السماوية، كما تعني كلمة " قيم " في نفس الوقت الاعتدال والاستقامة التي لا اعوجاج فيها وإضافة إلى أن كلمة " قيم " هي وصف للقرآن في عدم وجود أي اعوجاج في آياته، بل إن في مضمونها تأكيد على استقامة واعتدال القرآن، وخلوه من أي شكل من أشكال التناقض، وإشارة إلى أبدية وخلود هذا الكتاب السماوي العظيم، وكونه أسوة لحفظ الأصالة، وإصلاح الخلل، وحفظ الأحكام الإلهية والعدل والفضائل البشرية.
صفة (القيم) مشتقة من (قيمومة) الباري عز وجل التي تعني اهتمام الباري عز وجل وحفظه جميع الكائنات، والقرآن الذي هو كلام الله له نفس الصفة أيضا.
كما وصف الله سبحانه وتعالى دينه في عدة آيات قرآنية بأنه (القيم) حتى أنه أمر نبيه الأكرام (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعمل وفق ما يمليه الدين القيم والمستقيم: فأقم وجهك للدين القيم (1).
وما ذكر أعلاه بشأن تفسير كلمة " قيم "، أخذ من عدة تفاسير مختلفة، وهو خلاصة لما قاله المفسرون من أن كلمة " قيم " تعني الكتاب الباقي الذي لا ينسخ، أو الكتاب الحافظ للكتب السابقة، أو الكتاب القيم على الدين، أو الخالي من الاختلافات والتناقضات، وكل هذه المعاني انصبت في المفهوم الذي ذكرناه.