الخلود.
وليست الملائكة وحدها التي تحييهم، وليسوا لوحدهم يحيى بعضهم بعضا، بل إن الله سبحانه يحييهم أيضا، كما حياتهم في الآية (57) من سورة يس: سلام قولا من رب رحيم. فهل يوجد محيط أصفى وأجمل من هذا الجو الملئ بالسلام والسلامة؟
وبعد هذه النعمة تشير الآية إلى نعمة أخرى فتقول: ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا.
إن هذه الجملة تثير سؤالين:
أحدهما: هل يوجد في الجنة صبح وليل؟
وقد جاء جواب هذا السؤال في الروايات هكذا: إن الجنة وإن كانت دائما منيرة مضيئة، إلا أن أهلها يميزون الليل والنهار من قلة النور وزيادته.
والسؤال الآخر هو: إنه يستفاد من آيات القرآن بوضوح أن كل ما يريده أهل الجنة من الهبات والأرزاق موجود تحت تصرفهم دائما وفي أي ساعة، فأي رزق هذا الذي يأتيهم في الصبح والمساء فقط؟
ويمكن استخلاص جواب هذا السؤال من حديث جميل روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: " وتعطيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا " (1). ويستفاد من هذا الحديث أن هذه الهدايا الممتازة التي لا يمكن بيان ماهيتها حتى بالحدس والتخمين، نعم قيمة جدا، تهدى إلى هؤلاء بكرة وعشيا مضافا إلى سائر نعم الجنة.
ألا يدل تعبير الآية، والحديث الذي ذكر، على أن حياة أهل الجنة ليست على وتيرة واحدة، بل إن لهم في كل صباح ومساء موهبة جديدة ولطف جديد يعمهم ويشملهم!؟