في معرض الجواب نقول: نعم، ينبغي أن يكون أعلم فيما يتعلق بمهمته، يعني الأعلم بالنظام التشريعي، وموسى (عليه السلام) كان كذلك. أما الرجل العالم (الخضر) فهو كما قلنا سابقا، كانت له مهمة تختلف عن مهمة موسى (عليه السلام) ولا ترتبط بعالم التشريع. بعبارة أخرى: إن الرجل العالم كان يعرف من الأسرار ما لا تعتمد عليه دعوة النبوة.
وفي حديث جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله (عليه السلام): " كان موسى أعلم من الخضر " (1). أي أعلم منه في علم الشرع.
وهنا نلاحظ أن هذه الشبهة وقضية نسيان موسى (عليه السلام) هما اللتان دفعتا البعض إلى القول أن موسى المذكور في القصة ليس هو موسى بن عمران، بل هو شخص آخر. لكن مع حل هاتين المشكلتين لا يبقى مجال لهذا الكلام.
وفي حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) نرى إشارة صريحة إلى أن مهمة ووظيفة كل من موسى والخضر كانت تختلف عن الآخر، فقد كتب أحدهم إلى الإمام الرضا (عليه السلام) يسأله عن العالم الذي أتاه موسى، أيهما كان أعلم؟ فكان مما أجاب به الإمام قوله (عليه السلام): " أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر إما جالسا وإما متكئا فسلم عليه موسى، فأنكر السلام، إذ كانت الأرض ليس بها سلام.
قال: من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران. قال: أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال: نعم، قال: فما حاجتك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت رشدا. قال: إني وكلت بأمر لا تطيقه، ووكلت بأمر لا أطيقه " (2).
ومن المناسب هنا أن نختم هذه الفقرة بما رواه صاحب " الدر المنثور " عن " الحاكم " النيسابوري من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " لما لقي موسى الخضر، جاء طير فألقى منقاره في الماء، فقال الخضر لموسى: تدري ما يقول هذا الطائر؟ قال: وما