2 بحوث 3 1 - جواب الرسول للمتذرعين لقد تبين من خلال الآيات أعلاه والحديث الوارد في أسباب النزول، أن طلبات المشركين العجيبة والغريبة لم تكن تنع من روح نشدان الحقيقة، بل كان هدفهم البقاء على الشرك وعبادة الأصنام لأنه كان يمثل الدعامة الأساسية والقوة المادية لزعماء مكة، وكذلك منع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الاستمرار في طريق الدعوة إلى التوحيد بأي صورة ممكنة.
إلا أن الرسول الهادي (صلى الله عليه وآله وسلم) أجابهم بجوابين منطقيين وفي جملة واحدة وقصيرة:
الجواب الأول: إن الخالق جل وعلا منزه عن هذه الأمور، منزه التأثر بهذا وذاك، ومنزه من أن يستسلم للاقتراحات الباطلة والواهية لأصحاب العقول السخيفة: سبحان ربي.
الجواب الثاني: بغض النظر عما مضى فإن الإتيان بالمعجزات ليس من عملي، فأنا بشر مثلكم، إلا أنني رسول الله، والقيام بالمعاجز من عمل الخالق وبإرادته تتم، وبأمره تنجز، فأنا لا أستطيع أن أطلب مثل هذه الأمور من الخالق ولا يحق لي أن أتدخل في مثل الأمور، فمتى شاء سبحانه فسيبعث بالمعجزات الإثبات صدق دعوة رسوله: هل كنت إلا بشرا رسولا.
صحيح أن هناك ترابط بين هذين الجوابين، إلا أنهما يعتبران جوابين منفصلين، فأحدهما يثبت ضعف البشر في مقابل هذه الأمور، والثاني تنزيه رب البشر عن القبول بهذه المعجزات المقترحة.
وعادة فإن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس إنسانا استثنائيا يجلس في مكان معين، ويأتي الأشخاص يقترحون عليه المعجزات كيفما يشاؤون، ويتلاعبون بقوانين وسنن الخلق والوجود، وإذا لم تعجبهم معجزة معينة يطلبون غيرها... وهكذا.