لا يكون مانعا من أن يذوق ويتمتع كل المؤمنون والصالحون في المراتب الأخرى بطعم المحبة هذا، ويحظون به لدى عامة الناس، وأن يفوزوا بسهم من هذه المودة الإلهية. وسوف لا يكون مانعا من أن يضمر الأعداء - أيضا - في داخلهم المحبة والاحترام تجاه هؤلاء.
وهناك نكتة لطيفة نقرؤها في حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الله إذا أحب عبدا دعا جبرئيل، فقال: يا جبرئيل، إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبرئيل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، قال: فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض.
وإن الله إذا أبغض عبدا دعا جبرئيل، فقال: يا جبرئيل، إني أبغض فلانا فأبغضه، قال: فيبغضه جبرئيل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فابغضوه، قال:
فيبغضه أهل السماء، ثم يوضع له البغضاء في الأرض " (1).
إن هذا الحديث العميق المحتوى يبين أن للإيمان والعمل الصالح نورا وضياء بسعة عالم الوجود، ويعم نور المحبة الحاصل منهما كل أرجاء عالم الخلقة، وإن الذات الإلهية المقدسة تحب أمثال هذا الفرد، فهم محبوبون عن كل أهل السماء، وتقذف هذه المحبة في قلوب أهل الأرض.
حقا، أي لذة أكبر من أن يحس الإنسان بأنه محبوب من قبل كل الطاهرين والصالحين في عالم الوجود؟ وأي عذاب أشد من أن يشعر الإنسان بأن الأرض والسماء والملائكة والمؤمنين جميعا متنفرون ومشمئزون منه؟!
ثم تشير الآية التالية إلى القرآن الذي هو منبع ومصدر تنمية الإيمان والعمل الصالح، فتقول: فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا.
" اللد " - بضم اللام وتشديد الدال - جمع ألد - على وزن معد - بمعنى العدو