8 - الدرس الآخر الذي يمكن أن نتعلمه من هذه القصة، هو أن أصحاب المشكلة الأصليين معنيين بالدرجة الأولى في الاشتراك في الجهد المبذول لحل مشكلتهم، لذا فإن " ذو القرنين " أعطى أمرا إلى الفئة التي اشتكت إليه أمر يأجوج ومأجوج بأن يجلبوا قطع الحديد، ثم أعطاهم الأمر بإشعال النار في أطراف السد لدمج القطع فيما بينها، ثم أمرهم بتهيئة النحاس المذاب. وعادة فإن العمل الذي يتم بمساهمة وحضور الأطراف الأصليين في المشكلة يؤدي إلى إظهار استعداداتهم ويعطي قيمة خاصة للنتائج الحاصلة منه، وللجهود المبذولة فيه، ومن ثم يحرص الجميع للحفاظ عليه وإدامته بحكم تحملهم لمجهودات إنشائه.
كما يتضح من هذه النقطة أن، المجتمع المتخلف والمتأخر يستطيع أن ينجز أعمالا مهمة وعظيمة إذا تمتع ببرنامج صحيح وإدارة مخلصة.
9 - الزعيم الإلهي والقائد الرباني لا يلتفت إلى الجزاء المادي والنفع المالي وإنما يقتنع بما حباه الله، لذا رأينا " ذو القرنين " عندما اقترحوا عليه الأموال قال:
ما مكني فيه ربي خير وهذا النمط من السلوك يخالف أساليب السلاطين وولعهم العجيب بجمع الثروة والأموال.
وفي القرآن الكريم نقرأ مرارا في قصص الأنبياء أنهم لم يكونوا يطلبون المال جزاء لأعمالهم ودعواتهم.
ويمكن مشاهدة هذا الموضوع في (11) موردا من القرآن الكريم، سواء ما يخص نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأنبياء السابقين، ففي بعض الأحيان يذكر القرآن تعبير: إنما أجري على الله. وفي أحيان أخرى يضع القرآن محبة أهل البيت (عليهم السلام) والذين هم ركن القيادة المستقبلية أساسا للجزاء فيقول: قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.
10 - إحكام الأمور هو درس آخر نستفيده من هذه القصة، فذو القرنين استفاد من القطع الحديدية الكبرى في بناء السد، وقد وصلها بالنار، ثم غطاها