موجود إلا ويسبح ويحمد الله، ولكن لا تدركون تسبيحهم: وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. ومع ذلك: إنه كان حليما غفورا.
أي لا يؤاخذكم ولا يعاقبكم بسبب كفركم وشرككم مباشرة، ولكن يمهلكم بالقدر الكافي، ويفتح لكم أبواب التوبة ويتركها مفتوحة لإتمام الحجة.
بتعبير آخر: إنكم تملكون القدرة على إدراك تسبيح ذرات الوجود والكائنات جميعا لله القادر المتعال، وتدركون وجوده عز وجل، ولكنكم مع ذلك تقصرون، والله سبحانه وتعالى لا يؤاخذكم مباشرة على هذا التقصير، ولا يجازيكم به فورا ولكن يعطيكم الفرصة الكافية لمعرفة التوحيد وترك الشرك.
3 تسبيح الكائنات:
تذكر الآيات القرآنية المختلفة تسبيح وحمد جميع موجودات عالم الوجود لله تعالى، وإن أكثر الآيات صراحة بهذا الخصوص هي الآية التي نبحثها والتي تذكر لنا - بدون استثناء - أن جميع الموجودات في العالم، الأرض والسماء، النجوم والفضاء، الأناس والحيوانات وأوراق الشجر، وحتى الذرات الصغيرة، تشترك جميعا في هذا التسبيح والحمد العام.
يبين القرآن الكريم أن عالم الوجود قطعة واحدة من التسبيح والحمد، وأن كل موجود يؤدي هذا التسبيح ويقوم به بشكل معين ويثني على الباري عز وجل، وأن أزير هذا التسبيح والحمد يملأ عالم الوجود المترامي الأطراف، ولكن الجهلاء لا يستطيعون سماع هذا الأزيز، بعكس المستبصرين المتأملين والعلماء الذين أضاء الله قلوبهم وأرواحهم بنور الإيمان، فإن هؤلاء يسمعون هذا الصوت من جميع الجهات بشكل جيد.
هناك كلام كثير بين العلماء والمفسرين والفلاسفة حول تفسير حقيقة هذا الحمد والتسبيح، فبعضهم اعتبر الحمد والتسبيح (حالا) والبعض الآخر (قولا)،