تبعيضية كذلك، وهي بذلك تشير إلى النزول التدريجي للقرآن - خاصة وأن (ننزل) فعل مضارع - لذا فإن معنى الجملة يكون: (إننا ننزل القرآن وكل قسم ينزل منه، هو بحد ذاته ولوحده يعتبر شفاء ورحمة) (فتدبر جيدا).
3 2 - الفرق بين الشفاء والرحمة إن (الشفاء) هو في مقابل الأمراض والعيوب والنواقص، لذا فإن أول عمل يقوم به القرآن في وجود الإنسان هو تطهيره من أنواع الأمراض الفكرية والأخلاقية الفردية منها والجماعية.
ثم تأتي بعدها مرحلة (الرحمة) وهي مرحلة التخلق بأخلاق الله، وتفتح براعم الفضائل الإنسانية في أعماق الأفراد الذين يخضعون للتربية القرآنية.
بعبارة أخرى: إن الشفاء إشارة إلى (التطهير) و (الرحمة) إشارة إلى (البناء الجديد). أو بتعبير الفلاسفة والعارفين، فإن الأولى تشير إلى مقام (التخلية) بينما الثانية تشير إلى مقام (التحلية).
3 3 - الظالمون ونصيبهم من القرآن ليس في هذه الآية القرآنية وحسب، بل في الكثير من الآيات الأخرى، نقرأ أن الظالمين يزداد جهلهم وبؤس حالهم، بدل الاستفادة من نور الآيات الإلهية!!
إن ذلك يعود إلى أن وجودهم قائم بالأساس على قواعد الكفر والظلم والنفاق، لذلك فإنهم أين ما يجدون الحق يحاربونه، وهذه الحرب للحق وأهله تزيد في بؤسهم وتقوي روح الطغيان والتمرد عندهم.
فإذا أعطينا - مثلا - وجبة طعام متكاملة لعالم مجاهد، فإنه سيستفيد من تلك الطاقة لأجل التربية والتعليم والجهاد في طريق الحق، أما إذا أعطينا نفس وجبة الطعام هذه إلى شخص ظالم، فأنه سيستفيد من هذه الطاقة في تموين قدرة الظلم