لقد كان هذا العمل امتيازا بالنسبة له، من جهة أنه يبين نهاية العفة والطهارة، أو أنه كان - نتيجة ظروف الحياة الخاصة - مضطرا إلى الأسفار المتعددة من أجل نشر الدين الإلهي والدعوة إليه، واضطر كذلك إلى أن يعيش حياة العزوبة كعيسى بن مريم (عليه السلام).
وهناك تفسير قريب من الصواب أيضا، وهو أن الحصور - في الآية المذكورة - تعني الشخص الذي ترك شهوات الدنيا وملذاتها، وهذا في الواقع مرتبة عالية من الزهد (1).
على كل حال، فإن المستفاد من المصادر الإسلامية والمسيحية أن يحيى كان بن خالة عيسى.
فقد صرحت المصادر المسيحية بأن يحيى غسل المسيح (عليه السلام) غسل التعميد، ولذلك يسمونه (يحيى المعمد) - وغسل التعميد غسل خاص يغسل المسيحيون أولادهم به، ويعتقدون أنه يطهرهم من الذنوب - ولما أظهر المسيح نبوته آمن به يحيى.
لا شك أن يحيى لم يكن له كتاب سماوي خاص، وما نقرأه في الآيات التالية من أنه يا يحيى خذ الكتاب بقوة إشارة إلى التوراة، وهي كتاب موسى (عليه السلام).
وهناك جماعة يتبعون يحيى، وينسبون له كتابا، وربما كان (الصابئون الموحدون) من أتباع يحيى (2).
لقد كان بين يحيى وعيسى جوانب مشتركة، كالزهد الخارق غير المألوف، وترك الزواج للأسباب التي ذكرت، وولادتهما التي تحمل طابع الإعجاز، وكذلك