(الأغناء المترفين) وتقريبه للمجموعة الثانية (الفقراء المؤمنين) شكل مجتمعا توحيديا بمعنى الكلمة، مجتمعا تفجرت فيه الطاقات الكامنة، وأصبحت فيه معايير الشخصية والقيم والنبوغ، هي التقوى والعلم والإيمان والجهاد والعمل الصالح.
واليوم ما لم نسع لبناء مثل هذا المجتمع والاقتداء بالنموذج الإسلامي الذي شيده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عهده، وبدون نبذ الفكر الطبقي من العقول عن طريق التعليم والتربية وتدوين القوانين الصحيحة والسهر على تنفيذها بدقة - بالرغم من رفض الاستكبار العالمي وتعويقه لذلك - فسوف لن نملك مجتمعا إنسانيا سليما أبدا.
3 2 - المقارنة بين الحياة في هذا العالم وعالم الآخرة:
لقد قلنا مرارا: إن تجسد الأعمال هو من أهم القضايا المرتبطة بالمعاد. يجب أن نعلم أن ما هو موجود في ذلك العالم هو انعكاس واسع ومتكامل لهذا العالم، فأعمالنا وأفكارنا وأساليبنا الاجتماعية وصفاتنا الأخلاقية المختلفة سوف تتجسم وتتجسد أمامنا في ذلك العالم وستبقى قرينة لنا دائما.
الآيات - أعلاه - دليل حي على هذه الحقيقة، فالمترفون الظالمون الذين كانوا يعيشون في هذه الدنيا في ظل سرادق عالية، وكانوا سكارى بهواهم، وسعوا إلى فصل كل شئ يخصهم عن المؤمنين الفقراء، هؤلاء يملكون في ذلك العالم أيضا (سرادق) ولكنها من النار الحارقة، لأن الظلم في حقيقته نار حارقة تحرق الحياة وتذروا آمال المستضعفين المظلومين.
هناك يشربون من شراب يجسد باطن شراب الدنيا، وهو بالنسبة للظالمين الطغاة شراب من دماء قلوب المحرومين، ومثل هذا الشراب يقدم للظالمين في ذلك العالم، وهو لا يحرق أمعاءهم وأحشاءهم فحسب، بل يكون كالمعدن