مثلك، وامرأة عقيم ظاهرا وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا، فإن الله قادر على أن يخلق كل شئ من العدم، فلا عجب أن يتلطف عليك بولد في هذا السن وفي هذه الظروف.
ولا شك أن المبشر والمتكلم في الآية الأولى هو الله سبحانه، إلا أن البحث في أنه هو المتكلم في الآية الثالثة: قال كذلك قال ربك هو علي هين.
ذهب البعض بأن المتكلم هم الملائكة الذين كانوا واسطة لتبشير زكريا، والآية (39) من سورة آل عمران يمكن أن تكون شاهدا على ذلك: فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إن الله يبشرك بيحيى.
لكن الظاهر هو أن المتكلم في كل هذه الأحوال هو الله سبحانه، ولا دليل - أو سبب - يدفعنا إلى تغييره عن ظاهره، وإذا كانت الملائكة وسائط لنقل البشارة، فلا مانع - أبدا - من أن ينسب الله أصل هذا الإعلان والبشارة إلى نفسه، خاصة وأننا نقرأ في الآية (40) من سورة آل عمران: قال كذلك الله يفعل ما يشاء.
وقد سر زكريا وفرح كثيرا لدى سماعه هذه البشارة، وغمر نفسه نور الأمل، لكن لما كان هذا النداء بالنسبة إليه مصيريا ومهما جدا، فإنه طلب من ربه آية على هذا العمل: قال رب اجعل لي آية.
لا شك أن زكريا كان مؤمنا بوعد الله، وكان مطمئنا لذلك، إلا أنه لزيادة الاطمئنان - كما أن إبراهيم الذي كان مؤمنا بالمعاد طلب مشاهدة صورة وكيفية المعاد في هذه الحياة ليطمئن قلبه - طلب من ربه مثل هذه العلامة والآية، فخاطبه الله: قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا واشغل لسانك بذكر الله ومناجاته.
لكن، أية آية عجيبة هذه! آية تنسجم من جهة مع حال مناجاته ودعائه، ومن جهة أخرى فإنها تعزله عن جميع الخلائق وتقطعه إلى الله حتى يشكر الله