لاحظنا القرآن في الآيات الآنفة كيف يعيد من خلال خطاب الرجل المؤمن، صاحب البستان إلى وضعه العادي: أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا.
و: درس من عالم الطبيعة:
القرآن عندما يصف البساتين المثمرة يقول: ولم تظلم منه شيئا ولكنه عندما يتحدث عن صاحب البستان يقول: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه.
يعني: أيها الإنسان، أنظر إلى الوجود من حولك، ولاحظ أن هذه الأشجار المثمرة والزراعة المباركة كيف آتت كل ما عندها بأمانة وقدمته لك، فلا مجال عندها للاحتكار والحسد والبخل، فعالم الوجود هو ساحة للإيثار والبذل والعفو، فما تمتلكه الأرض تقدمه بإيثار إلى الحيوانات والنباتات، وتضع الأشجار والنباتات كل ثمارها ومواهبها في اختيار الإنسان والأحياء الأخرى، وقرص الشمس يضعف يوما بعد آخر وهو يشع النور والدف ء والحرارة، الغيوم تمطر والرياح تهب، لتتسع أمواج الحياة في كل مكان.
هذا هو نظام الوجود، ولكنك أيها الإنسان تريد أن تكون سيد الوجود ومع ذلك تسحق قوانينه الثابتة البينة. فتكون رقعة نشاز غير متناسقة في عالم الوجود تريد أن تستحوذ على كل شئ وتصادر حقوق الآخرين!
* * *