2 التفسير 3 آخر الذرائع والأعذار بعد سلسلة من الذرائع التي تشبث بها المشركون امام دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، نصل مع الآيات التي بين أيدينا إلى آخر ذريعة لهم، وهي قولهم: لماذا يذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الخالق بأسماء متعددة بالرغم من أنه يدعي التوحيد. القرآن رد على هؤلاء بقوله: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى. إن هؤلاء عميان البصيرة والقلب، غافلون عن أحداث ووقائع حياتهم اليومية حيث كانوا يذكرون أسماء مختلفة لشخص واحد أو لمكان واحد، وكل اسم من هذه الأسماء كان يعرف بشطر أو بصفة من صفات ذلك الشخص أو المكان.
بعد ذلك، هل من العجيب أن تكون للخالق أسماء متعددة تتناسب مع أفعاله وكمالاته وهو المطلق في وجوده وفي صفاته والمنبع لكل صفات الكمال وجميع النعم، وهو وحده عز وجل الذي يدير دفة هذا العالم والوجود؟
أساسا، فان الله تعالى لا يمكن معرفته ومناجاته باسم واحد إذ ينبغي أن تكون أسماؤه مثل صفاته غير محدودة حتى تعبر عن ذاته، ولكن لمحدودية ألفاظنا - كما هي أشياؤنا الأخرى أيضا - لا نستطيع سوى ذكر أسماء محدودة له، وإن معرفتنا مهما بلغت فهي محدودة أيضا، حتى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو من هو في منزلته وروحه وعلو شأنه، نراه يقول: " ما عرفناك حق معرفتك ".
إن الله تعالى في قضية معرفتنا إياه لم يتركنا في أفق عقولنا ودرايتنا الخاصة، بل ساعدنا كثيرا في معرفة ذاته، وذكر نفسه بأسماء متعددة في كتابه العظيم، ومن خلال كلمات أوليائه تصل أسماؤه - تقدس وتعالى - إلى ألف اسم.
وطبيعي أن كل هذه أسماء الله، وأحد معاني الأسماء العلامة، لذا فإن هذه علامات على ذاته الطاهرة، وجميع هذه الخطوط والعلامات تنتهي إلى نقطة