يكون هذا قانونا وتكليفا إلهيا، حيث أن وجوده العيني لا يختص بعالم التشريع وحسب، بل في عالم التكوين أيضا. إنه من غير المتوقع أن تنصلح أمور مجتمع في مرحلة البناء خلال ليلة واحدة لأن البناء الحضاري الفكري والثقافي والاقتصادي والسياسي يحتاج إلى المزيد من الوقت.
وهذا الكلام يعني أننا إذا لم نصل إلى النتيجة المطلوبة في وقت قصير فعلينا أن لا نيأس ونترك بذل الجهد أو المثابرة. وينبغي أن نلتفت إلى أن الانتصارات النهائية والكاملة تكون عادة لأصحاب النفس الطويل.
3 2 - علاقة العلم بالإيمان الموضوع الآخر الذي يمكن أن نستفيده من الآيات أعلاه هو علاقة العلم بالإيمان، إذ تقول الآيات: إنكم سواء آمنتم بالله أو لم تؤمنوا فإن العلماء سيؤمنون بالله إلى درجة أنهم يعشقون الخالق ويسقطون أرضا ساجدين من شدة الوله والحب، وتجري الدموع من أعينهم، وإن هذا الخشوع والتأدب يتصف بالاستمرار في كل عصر وزمان.
إن الجهلة - فقط - هم الذين لا يعيرون أهمية للحقائق ويواجهونها بالإستهزاء والسخرية، وإذا أثر فيهم الإيمان في بعض الأحيان فإنه سيكون تأثيرا ضعيفا خاليا من الحب والحرارة.
إضافة إلى ذلك، فإن في الآية ما يؤكد خطأ وخطل النظرية التي تربط بين الدين والجهل أو الخوف من المجهول. أما القرآن فإنه يؤكد على عكس ذلك تماما، إذ يقول في مواقع متعددة: إن العلم والإيمان توأمان، إذ لا يمكن أن يكون هناك إيمان عميق ثابت من دون علم، والعلم في مراحله المتقدمة يحتاج إلى الإيمان. (فدقق في ذلك).