ووضعه على جانبي هذا السد، وأشعل النار فيه ثم أمرهم بالنفخ فيه حتى احمر الحديد من شدة النار: قال انفخوا حتى إذا جعله نارا.
لقد كان يهدف ذو القرنين من ذلك ربط قطع الحديد بعضها ببعض ليصنع منها سدا من قطعة واحدة، وعن طريق ذلك، قام ذو القرنين بنفس عمل " اللحام " الذي يقام به اليوم في ربط أجزاء الحديد بعضها ببعض.
أخيرا أصدر لهم الأمر الأخير فقال: أجلبوا لي النحاس المذاب حتى أضعه فوق هذا السد: قال آتوني أفرغ عليه قطرا.
وبهذا الشكل قام بتغطية هذا السد الحديدي بطبقة النحاس حتى لا ينفذ فيه الهواء ويحفظ من التآكل.
بعض المفسرين قالوا: إن علوم اليوم أثبتت أنه عند إضافة مقدار من النحاس إلى الحديد فإن ذلك سيزيد من مقدار مقاومته، ولأن " ذا القرنين " كان عالما بهذه الحقيقة فقد أقدم على تنفيذه.
إن المشهور في معنى " قطر " هو ما قلناه (أي النحاس المذاب)، إلا أن بعض المفسرين فسر ذلك ب " الخارصين المذاب " وهو خلاف المتعارف عليه.
وأخيرا، أصبح هذا السد بقدر من القوة والإحكام بحيث: فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا.
لقد كان عمل ذي القرنين عظيما ومهما، وكان له وفقا لمنطق المستكبرين ونهجهم أن يتباهى به أو يمن به، إلا أنه قال بأدب كامل: قال هذا رحمة من ربي لأن أخلاقه كانت أخلاقا إلهية.
إنه أراد أن يقول: إذا كنت أملك العلم والمعرفة وأستطيع بواسطتهما أن أخطو خطوات مهمة، فإن كل ذلك إنما كان من قبل الخالق جل وعلا، وإذا كنت أملك قابلية الكلام والحديث المؤثر فذلك أيضا من الخالق جل وعلا.
وإذا كانت مثل هذه الوسائل والأفكار في اختياري فإن ذلك من بركة الله