3 2 - ما هو التمثل؟
" التمثل " في الأصل من " المثول "، أي الوقوف مقابل شخص أو شئ، ويقولون للشئ الذي يظهر بصورة أخرى: ممثلا، وعلى هذا فإن قوله: تمثل لها بشرا سويا تعني أن ذلك الملك قد ظهر بصورة إنسان.
ولا شك أن هذا الكلام لا يعني أن جبرئيل قد تبدل إلى إنسان شكلا وسيرة، لأن مثل هذا التحول والتبدل أمر غير ممكن، بل المراد أنه ظهر بصورة إنسان بالرغم من أن سلوكه كان نفس ذلك السلوك الملائكي، إلا أن مريم التي لم تكن تعلم بالأمر في البداية، كانت تظن أن في مقابلها إنسانا سيرة وصورة.
وتلاحظ كثيرا في الروايات والتواريخ كلمة " تمثل " بمعناها الواسع، ومن جملتها: إن إبليس لما اجتمع المشركون في " دار الندوة " وكانوا يخططون لقتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ظهر بصورة شيخ كبير حصيف الرأي، يهدف إلى الخير وشرع بإغواء رؤساء قريش.
أو أن الدنيا وباطنها تمثلت للإمام علي (عليه السلام) على شكل امرأة في غاية الجمال والجذابية ولم تستطع أن تنفذ إليه، وقصتها مفصلة معروفة.
ونقرأ أيضا في الروايات أن مال الإنسان وولده وعمله تتجسم أمامه عند الموت بصورة مختلفة وخاصة.
أو أن أعمال الإنسان تتجسم في القبر ويوم القيامة، ويظهر كل منها بشكل خاص.
إن التمثل في جميع هذه الوارد يعني أن شيئا أو شخصا يظهر بشكل آخر من ناحية الصورة والشكل فقط، لا أن تتبدل ماهيته وباطنة (1).
* * *