يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم (1) (2).
بعض المفسرين طرح هنا سؤالا، وهو أن هذا الدليل إذا كان صحيحا، بأن كل شخص إذا ما عمل عملا فإنه قادر على إعادته، فلماذا نقوم بأعمال ثم نعجز عن تكرارها أحيانا؟ فمثلا قد ننشد قطعة شعرية رائعة جدا، أو نكتب بخط جميل جدا، غير أننا بعد ذلك نجتهد في الإتيان بمثله ولكن دون جدوى.
الجواب هو: صحيح أننا نقوم بأعمالنا بإرادة واختيار، إلا أن هناك سلسلة من الأمور غير الإرادية تؤثر في أفعالنا الخاصة أحيانا، فإن حركة واهتزاز يدنا غير المحسوس يؤثر أحيانا في دقة شكل الحروف. إضافة إلى أن قدرتنا واستعدادنا ليسا متساويين دائما، فقد تعرض أحيانا عوامل تعبئ كل قوانا الداخلية، ونستطيع أن نبدع في الأعمال ونأتي بأعلاها، إلا أن هذه الدوافع تكون ضعيفة أحيانا، فلا تستجمع كل الطاقات، ولذلك فإن العمل الثاني لا ينفذ بدقة وجودة العمل الأول.
إلا أن الله الذي لا تنتهي قدرته، لا تثار حوله هذه المسائل، ولا تقاس قدرته على أعمالنا وقدراتنا، فإنه إذا عمل عملا فإنه يستطيع إعادته بعينه بدون زيادة أو نقصان.
ثم تهدد الآية التالية منكري المعاد، والمجرمين الكافرين: فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا.
إن هذه الآية توحي بأن محكمة الأفراد الكافرين والمجرمين قريبة من جهنم! والتعبير ب " جثيا " - مع العلم أن جثي جمع جاثي، وهو الذي يجثو على ركبتيه - ربما كان إشارة إلى ضعف وعجز وذلة هؤلاء، حتى أنهم لا قدرة لهم على الوقوف أحيانا.