2 بحوث 3 1 - أوضح تصوير عن ولادة عيسى (عليه السلام) يمكن إدراك فصاحة وبلاغة القرآن الكريم، وخاصة في مثل هذه الموارد، وذلك عند ملاحظة طريقة طرحه لمسألة مهمة اختلطت بكل تلك الخرافات، في عبارات قصيرة وعميقة، وحية، وغنية المحتوى، وناطقة تماما، بحيث تطرح جانبا كل أنواع الخرافات.
الملفت للنظر أن الآيات المذكورة ذكرت " سبع صفات " ممتازة و " برنامجان " و " دعاء واحد ".
فالصفات السبعة عبارة عن كونه " عبدا لله " وذكرها في بداية كل الصفات إشارة إلى أن أعلى وأكبر مقام يصله الإنسان هو مقام العبودية.
وبعد ذلك، كونه " صاحب كتاب سماوي " ثم " مقام النبوة " (مع العلم أن مقام النبوة لا يقترن دائما بالمجئ بكتاب سماوي).
وبعد مقام العبودية والإرشاد، ذكر كونه " مباركا " أي مفيدا لوضع المجتمع، وفي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) نقرأ أن معنى المبارك: " النفاع "، أي كثير المنفعة.
ثم ذكرت الآيات كونه " بارا بأمه " وفي النهاية أنه " لم يكن جبارا شقيا " بل كان متواضعا، عارفا بالحق، وسعيدا.
ومن بين جميع البرنامج الإلهي للإنسان تؤكد الآية على وصية الله سبحانه بالصلاة والزكاة، وذلك للأهمية الفائقة لهذين الأمرين، لأنهما رمز الارتباط بالخالق والخلق، ويمكن تلخيص كل البرامج والأهداف الدينية والمذهبية فيهما، لأن أحدهما يشخص ارتباط الإنسان بالخلق، والآخر يشخص ارتباطه بالخالق.
وأما الدعاء الذي دعاه لنفسه، ويرجوه فيه من ربه في بداية عمره، فهو أن يجعل هذه الأيام الثلاثة سلاما عليه: يوم الولادة، ويوم الموت، واليوم الذي