تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٦
وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم: جعل الحذر آلة يتحصن بها الغازي، فجمع بينه وبين الأسلحة في وجوب الاخذ، ونظيره قوله تعالى: " والذين تبوؤا الدار والايمان " (1) (2) ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة وحدة: تمنوا أن ينالوا منكم غرة في صلاتكم، فيشدون عليكم شدة واحدة، وهو بيان ما لأجله أمروا بأخذ السلاح.
ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم: رخصة لهم في وضعها إذا ثقل عليهم أخذها بسبب مطر أو مرض.
وهذا مما يشعر بأن الامر بأخذ السلاح للوجوب.
وخذوا حذركم: كيلا يهجم عليكم العدو.
إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا: وعد للمؤمنين بالنصر على الكفار بعد الامر بالحزم لتقوى قلوبهم، وليعلموا أن الامر بالحزم ليس لضعفهم وغلبة عدوهم، بل لان الواجب أن يحافظوا في الأمور على مراسم التيقظ والتدبر ويتوكلوا على الله.
في تفسير علي بن إبراهيم: هذه الآية نزلت لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحديبية يريد مكة، فلما وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس يستقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان يعارض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الجبال، فلما كان في بعض الطريق وحضرت صلاة الظهر أذن بلال وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال خالد ابن الوليد: لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة، لأصبناهم، فإنهم لا يقطعون الصلاة، ولكن تجئ لهم الآن صلاة أخرى هي أحب إليهم من ضياء أبصارهم فإذا دخلوا فيها حملنا عليهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) بصلاة الخوف بهذه الآية،

(١) الحشر: ٩.
(2) جواب عما يقال: أن أخذ الحذر مجاز وأخذ الأسلحة حقيقة فلا يجمع بينهما - منه دام عزه (كذا في هامش النسخة أ).
(٦٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 ... » »»
الفهرست