تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٥
أنه خبر مبتدأ محذوف، أي ثم هو يدركه، وبالنصب على إضمار (أن) كقوله: (وألحق بالحجاز فأستريحا) (1).
فقد وقع أجره على الله: الوقوع والوجوب متقاربان، وفي لفظ الوقوع زيادة مبالغة لاشعاره بأن أجره وقع.
وكان الله غفورا رحيما:
في مجمع البيان: عن أبي حمزة الثمالي، لما نزلت آية الهجرة سمعها رجل من المسلمين، وهو جندع، أو جندب بن حمزة، وكان بمكة، فقال: والله ما أنا ممن استثنى الله، إني لا جد قوة، وإني لعالم بالطريق، وكان مريضا شديد المرض، فقال لبنيه: والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها، فإني أخاف أن أموت فيها، فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ النعيم مات، فنزلت الآية (2).
ومما جاء في معنى الآية من الحديث.
ما رواه الحسن، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض، استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد (عليهما السلام) (3).
وفي أصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان قال: حدثنا حماد، عن عبد الاعلى قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول العامة (4): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من

(١) وقبله: سأترك منزلي لبني تميم. هو لمغيرة بن حنين التميمي الحنظلي، قوله: (بني تميم) قبيلة معروفة و (ألحق) بفتح الحاء المهملة والقاف متكلم من اللحوق بمعنى الادراك والاتيان، قوله: (بالحجاز) أي بقبيلة في الحجاز، وهو بالحاء المهملة والجيم والزاء المعجمة ككتاب مكة والمدينة، و (أستريح) متكلم من الاستراحة (جامع الشواهد: ج ٢ ص ٣٩ باب السين بعده الألف).
(٢) مجمع البيان: ج ٣ ص ١٠٠ في بيان نزول آية ١٠٠ من سورة النساء.
(٣) مجمع البيان: ج ٣ ص ١٠٠ في نقله المعنى لآية ١٠٠ من سورة النساء، وقد مر نقل الحديث أيضا.
(٤) قوله: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول العامة) أي عن قول عامة الأمة بمعنى جميعهم، أو عن قول أكثر الأمة المخالفين للفرقة الناجية القائلين بخلافة الثلاثة، والحديث حجة عليهم في نفي الامام من عترة الرسول في كل عصر، لنقلهم هذا الحديث في كتبهم وقبولهم له وما ذهب إلى قدمائهم، من أن المراد بالامام فيه، صاحب الشوكة والاقتدار من ملوك الأمة كائنا من كان، عالما أو جاهلا عدلا أو فاسقا، في غاية السخافة، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر أمته بمتابعة الجاهل الفاسق، لان متابعته يوجب الخروج عن الدين لمخالفة الحق، ولهذا ذهب بعض متأخريهم إلى أن المراد بالامام فيه، الكتاب، وهو في غاية الضعف، إذ لا يمكن الاقتداء بالقرآن إلا بالاقتداء بإمام يفسره، وهذا الامام ليس بقرآن بالضرورة، ولا جاهل فاسق، بالاتفاق، فتعين ما ذهب إليه الفرقة الناجية من أنه ناطق من الله، وهو المطلوب.
قوله: (فقال الحق والله) خبر مبتدأ محذوف، أي هو الحق.
قوله: (لم يسعه ذلك) من باب الاستفهام، وذلك إشارة إلى عدم العلم المفهوم من سياق الكلام.
قوله: (أن الامام إذا هلك) تعليل لما سبق، توضيح ذلك: أن الناس عند موت الامام على صنفين، صنف حاضرون في بلد موته، عالمون بمن هو وصى له، بوصية ظاهرة أو باطنة، فوجب عليهم الاذعان له والاعتقاد به من غير مهلة، وصنف ناؤون عنه قد بلغهم خبر موت الامام دون خبر وصيه، وهذا الصنف يجب عليهم الايمان اجمالا بأن له وصيا يقوم مقامه، ثم يجب عليهم النفر، ليعرفوه باسمه وشخصه، وقوله: (وحق النفر) جملة فعلية، أي وجب النفر والزم، قوله: (قبل أن يصل فيعلم) أي قبل أن يصل إلى بلد موت الامام، وقبل أن يعلم وصي باسمه وشخصه، والجواب يدل على أنه مؤمن عند الله تعالى، وأنه مثاب لأجل الحركة (شرح أصول الكافي للمولى صالح المازندراني:
ج 6 ص 338).
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 ... » »»
الفهرست