تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٠
[وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أمولكم إنه كان حوبا كبيرا (2)] وآتوا اليتامى أموالهم: إذا بلغوا، أو آنستم منهم رشدا، كما في الآية الأخرى.
" اليتامى " جمع يتيم، وهو الذي مات أبوه، من اليتم، وهو الانفراد، ومنه الدرة اليتيمة، إما لأنه لما جرى مجرى الأسماء كفارس وصاحب، جمع على يتائم، ثم قلب فقيل يتامى، أو على أنه جمع على يتمى، كأسرى، لأنه من باب الآفات، ثم جمع يتمى على يتامى، كأسرى و أسارى، ووروده في الآية إما للبلغ على الأصل، أو على الاتساع لقرب عهدهم بالصغر، حثا على أن يدفع إليهم أموالهم أول بلوغهم قبل أن يزول عنهم هذا الاسم إن أونس منهم الرشد، ولذلك أمر بابتلائهم صغارا،

(١) عنها، ويكتب ثواب واصلها وإثم قاطعها كما وكل الحفظة بكتب الأعمال.
قوله: (وهي رحم آل محمد) أي التي تعلق بالعرش، هي رحم آل محمد، فالمراد أن الرحم المعلقة بالعرش رحم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذووا قرباه وأهل بيته، وهم الأئمة بعده، فإن الله أمر بصلتهم وجعل مودتهم أجر الرسالة لقرابتهم بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا بالناس، ولذا يجب على الناس صلتهم. أو المراد به قرابة المؤمنين بالقرابة المعنوية الايمانية فإن حق والذي النسب على الناس لأنهما صارا سببين للحياة الظاهرية الدنيوية، وحق ذوي الأرحام لاشتراكهما في الانتساب بذلك، والرسول وأمير المؤمنين (عليهما السلام) أبوا هذه الأمة لصيرورتهما سببا لوجود كل شئ، وعلة غائية لجميع الموجودات كما ورد في الحديث القدسي: لولاك لما خلقت الأفلاك.
وأيضا صارا سببين للحياة المعنوية الأبدية بالعلم والايمان لجميع المؤمنين، ولا نسبة لهذه الحياة بالحياة الفانية الدنيوية، وبهذا السبب صار المؤمنون إخوة، فبهذه الجهة صارت قرابة النبي (صلى الله عليه وآله) قرابتهم وذوي أرحامهم. وأيضا قال الله تعالى: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم " وفي قراءة أهل البيت (عليهم السلام) (وهو أب لهم) فصار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخديجة أبوي هذه الأمة، وذريتهما الطيبة ذوي أرحامهم، فبهذه الجهات صاروا بالصلة أولى وأحق مع جميع القرابات (مرآة العقول: ج 8 ص 366).
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست