تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٥٣٧
[ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل - قريب قل - متع الدنيا - قليل - والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا (77)] كثر في قلب رجل لا يحتمله، قدر الشيطان عليه، فإذا خاصمكم الشيطان فاقبلوا عليه بما تعرفون، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا، فقلت: وما الذي نعرفه؟ قال:
خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله (عز وجل) (1) (2).
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم: عن القتال.

(١) الكافي: ج ١ ص ٤٥ باب استعمال العلم، ح 7.
(2) قوله: (إذا سمعتم العلم) المراد بالعلم المذعن به، لانفس التصديق، والمقصود أنه بعد حصول العلم ينبغي الاشتغال بأعماله والعمل على وفقه عن طلب علم آخر، وقوله (عليه السلام): (ولتتسع قلوبكم) أي يجب أن يكون طلبكم للعلم بقدر تتسعه قلوبكم ولا تستكثروا منه، ولا تطلبوا ما لا تقدرون على الوصول إلى كنهه، فإنه حينئذ يستولي الشيطان عليكم ويوقعكم في الشبهات. وقيل ينبغي أن يكون اهتمامكم بالعمل، لا بكثرة السماع والحفظ إلى حد يضيق قلوبكم عن احتماله، وذلك إنما يكون بترك العمل، لان العالم إذا عمل بعلمه، لا يضيق قلبه عن احتمال العلم.
وقوله (عليه السلام): (فإذا خاصمكم) تنبيه على دفع ما يتوهم من أن القناعة من العلم بما يسعه القلب يؤدي إلى العجز عن مخاصمة الشيطان، بأن الاقبال على الشيطان بما تعرفون من العقائد المعتبرة في أصل الايمان يكفي في رفعه، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا.
والمراد بقوله: (خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عز وجل) خاصموه بآثار قدرته الظاهرة في الرسول، أو على يده الدالة على رسالته، وبآثار قدرته الظاهرة في الوصي من فطانته وعلمه وصلاحه بعد تنصيص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على عينه أو صفاته، وبما ظهر من قدرته تعالى في كل شئ، فإنه يدل على قدرته على إنشاء النشأة الآخرة وإثابة المطيع وتعذيب العاصي، فإن بهذه المعرفة تنبعث النفس على فعل الطاعات وترك السيئات، ثم كلما ازداد علما وسيعا ازداد بصيرة ويقينا (مرآة العقول: ج 1 ص 146).
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»
الفهرست